صفحة جزء
38 - حديث كرسي سليمان بن داود صلى الله على نبينا وعليه وسلم تسليما

984 - 1 حدثني أبي - رحمه الله تعالى - ، حدثنا أحمد بن مهدي ، حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني أبو إسحاق المصري ، - رحمه الله تعالى - قال : زعموا أن كعب الأحبار لما فرغ من حديث إرم ذات العماد ، قال له معاوية : " أخبرني عن كرسي سليمان بن داود - عليه السلام - ، وما كان عليه ؟ ، ومن أي شيء هو ؟ " قال : كان كرسي سليمان بن داود - صلى الله على نبينا وعليه وسلم - من أنياب الفيلة ، مفصصة بالدر والياقوت ، والزبرجد واللؤلؤ ، وقد جعل درجة منها مفصصة بالياقوت ، والزبرجد واللؤلؤ ، ثم أمر بالكرسي ، فحفف من جانبيه بالنخل ، نخل من ذهب ، شماريخها من ياقوت ، وزبرجد ولؤلؤ ، وجعل على رؤوس النخل التي على يمين الكرسي طواويس من ذهب ، ثم جعل على رؤوس النخل التي على يسار الكرسي نسورا من ذهب ، مقابلها طواويس ، وجعل على يمين الدرجة الأولى شجرتي صنوبر من ذهب ، وعلى يسارها أسدين من ذهب ، وعلى رؤوس الأسدين عمودين من زبرجد ، وجعل من جانبي الكرسي شجرتي كرم من ذهب ، قد أظلتا الكرسي ، وجعل على عناقيدها [ ص: 1504 ] درا وياقوتا أحمر ، ثم جعل فوق درج الكرسي أسدين عظيمين ، من ذهب مجوفين محشوين مسكا وعنبرا ، فإذا أراد سليمان بن داود - عليهما السلام - أن يصعد على كرسيه ، استدار الأسدان ساعة ، ثم يقفان فيضخان ما في أجوافهما من المسك ، والعنبر حول كرسي سليمان بن داود - عليهما السلام - ، ثم يوضع منبران واحد لخليفته ، والآخر لرئيس أحبار بني إسرائيل ذلك الزمان ، ثم أمام كرسيه سبعون منبرا من ذهب ، ليصعد عليها سبعون قاضيا من أحبار بني إسرائيل وعلمائهم ، وأهل الشرف منهم والتقوى ، ومن خلف تلك المنابر كلها خمسة وثلاثون منبرا من ذهب ، ليس عليها أحد ، فإذا أراد أن يصعد على كرسيه ، وضع قدميه على الدرجة السفلى ، فاستدار الكرسي كله بما فيه وعليه ، فيبسط الأسد يده اليمنى ، وينشر النسر جناحه الأيمن ، حتى إذا استوى سليمان - عليه السلام - على الدرجة الثانية ، وقعد على الكرسي قاعدا ، أخذ من تلك النسور ، نسر منها عظيم تاج سليمان - عليه السلام - فوضعه على رأسه ، فإذا وضعه على رأسه ، استدار الكرسي بما فيه كما تدور الرحى [ ص: 1505 ] المسرعة ، قال معاوية - رضي الله عنه - : " وما الذي يدور به يا أبا إسحاق ؟ " قال : تنين من ذهب ذلك الكرسي عليه ، وهو عظيم مما عمله صخر الجني ، فإذا أحست بدورانه تلك النسور والأسد ، والطواويس التي في أسفل الكرسي إلى أعلاه درن معه ، فإذا وقف ، وقفن جميعا كلهن منكسات على رأس سليمان - عليه السلام - وهو جالس ، ثم ينفخن جميع ما في أفواههن ، من المسك والعنبر على رأس سليمان - عليه السلام - ، وهو جالس ، تتناول حمامة من ذهب ، واقفة على عمود جوهر التوراة ، فتجعلها في يده ، فيقرأها سليمان - عليه السلام - على الناس ، فإذا قرأها عليهم دعا الناس إلى القضاء ، وجلس قضاة بني إسرائيل على منابرهم ، عن يمينه وعن شماله ، حافين حول كرسيه ، حتى إذا قرب الشهداء للشهادات ، دار التنين بالكرسي كدور الرحى المسرعة ، واستدارت الأسود ، وخفقت النسور بأجنحتها ، ونشرت الطواويس أذنابها ، ففزعت الشهداء ، وتخوفوا على أنفسهم عندما يرون من السلطان ، فيداخلهم من ذلك رعب شديد ، فيقول بعضهم لبعض : والله لنشهدن بالحق ، فإنا إن نشهد اليوم بالباطل لنهلكن ، فكان هذا يا أمير المؤمنين ! أمر كرسي سليمان بن داود - عليهما السلام - ، وعجائب ما كان فيه .

فلما توفي سليمان - عليه السلام - بعث بختنصر بعده ، فأخذ ذلك الكرسي معه ، فحمله إلى أنطاكية ، فأراد أن يصعد عليه ، ولم يكن له علم بالصعود عليه ولا بحاله ، فلما وضع قدمه على الدرجة ، رفع الأسد يده اليمنى ، فضرب بساقه التي في الأرض فدق ساقه . قال معاوية - رضي الله عنه - : " وكيف ذلك يا أبا إسحاق ؟ " قال كعب [ ص: 1506 ] - رحمه الله تعالى - : كان سليمان بن داود - عليه السلام - إذا أراد الصعود وضع قدميه جميعا ، ثم ثبت بقدميه جميعا ، وإن بختنصر رفع رجلا ووضع رجلا ، فضرب الأسد ساقه التي لم يرفعها من الأرض فدقها ، ورجع بختنصر - لعنه الله - ، وحمل إلى منزله ، فلم يزل يعرج منها حتى مات - لا رحمه الله تعالى - ، وكان الكرسي بأنطاكية ، حتى هزم خليفة بختنصر ، فنقل الكرسي إلى بابل ، فلم يزل ببابل حتى هلك خليفة بختنصر - لعنهما الله تعالى - ، وملك فارس من ملوك الفرس ، فحمل ذلك الكرسي . قال معاوية - رضي الله عنه - : " وما اسم ذلك الملك ؟ " قال : كان يسمى كداس بن سداس ، فحمله من بابل ، ورده إلى بيت المقدس ، فوضعه تحت الصخرة ، فلم ير أحد وقع في يده من تلك الملوك الركوب على كرسي سليمان - عليه السلام - بعده ، ولا القعود عليه ، ولا يقعد عليه بعد ذلك ، ولم يدر أين هو ، ولم ير أحد أثره إلى الساعة .

[ ص: 1507 ] [ ص: 1508 ] [ ص: 1509 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية