صفحة جزء
1929 - حدثني أبو صالح محمد بن أحمد ، قال : حدثنا أبو الحسين بن [ ص: 286 ] أبي العلاء الكفي ، قال : حدثنا أحمد بن مجهر أبي موسى الأنطاكي ، (ح) .

1930 - وحدثنا ابن الصواف ، قال : حدثنا إسحاق بن أبي حسان الأنطاكي ، قال : حدثنا أحمد بن أبي الحواري ، قال : " قلت لأبي سليمان الداراني : من أراد الخطوة ، فليتواضع في الطاعة ، فقال لي : ويحك ، وأي شيء التواضع ، إنما التواضع في أن لا تعجب بعملك ، وكيف يعجب عاقل بعمله ، وإنما يعد العمل نعمة من الله عز وجل ينبغي أن يشكر الله ويتواضع ، إنما يعجب بعمله القدري الذي يزعم أنه يعمل ، فأما من زعم أنه يستعمل ، فكيف يعجب ؟ ! " .

قال الشيخ : " فكل ما قد ذكرته لكم يا إخواني رحمكم الله فاعقلوه ، وتفهموه ودينوا لله به ، فهو ما نزل به الكتاب الناطق ، وقاله النبي الصادق ، وأجمع عليه السلف الصالح والأئمة الراشدون من الصحابة والتابعين ، والعقلاء ، والحكماء من فقهاء المسلمين ، واحذروا مذاهب المشائيم القدرية ، الذين أزاغ الله قلوبهم ، فأصمهم وأعمى أبصارهم ، وجعل على قلوبهم أكنة أن يفقهوه ، وفي آذانهم وقرا ، حتى زعموا أن المشيئة إليهم ، وأن الخير والشر بأيديهم ، وأنهم إن شاؤوا أصلحوا أنفسهم ، وإن شاؤوا أفسدوها ، وأن الطاعة والمعصية إليهم ، فإن شاؤوا عصوا الله وخالفوه فيما لا يشاءه ولا يريده ، حتى ما شاؤوا هم كان ، وما شاء الله لا يكون ، وما لا يشاءه لا يكون ، وما لا يشاءه الله يكون ، فإن القدري الملعون لا يقول : اللهم اعصمني ، ولا : اللهم وفقني ، ولا يقول : اللهم ألهمني رشدي ، ولا يقول ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ، ويقول : إن الله لا يزيغ القلوب ولا يضل أحدا ، ويجحد القرآن ويعاند الرسول ويخالف إجماع المسلمين ، ولا يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله ، ولا يقول : ما شاء الله كان وما لا يشأ لا يكون ، وينكر ذلك على من قاله ، ويزعم أن المشيئة إليه [ ص: 287 ] والحول والقوة بيديه ، وأنه إن شاء أطاع الله ، وإن شاء عصى ، وإن شاء أخذ وإن شاء أعطى ، وإن شاء افتقر وإن شاء استغنى . وينكر أن يكون الله عز وجل خالق الشر ، وأن الله شاء أن يكون في الأرض شيء من الشر وهو يعلم أن الله خلق إبليس وهو رأس كل شر ، وأن الله علم ذلك منه قبل أن يخلقه ، والله تعالى يقول : من شر ما خلق والله يقول : والله خلقكم وما تعملون ، ويقول : هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن ، فالقدري يجحد هذا كله ويزعم أنه يعصي الله قسرا ويخالفه شاء أم أبى " .

التالي السابق


الخدمات العلمية