صفحة جزء
1940 - حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم ، قال : حدثنا أحمد بن محمد الأسدي ، قال : حدثنا الرياشي ، قال : حدثنا القحذمي ، قال : حدثنا ابن الكلبي ، عن أبيه ، قال : " كان سابور ذو الأكناف يغزو العرب كثيرا ، قال : فغزا مرة بني تميم ، وذلك في زمن عمرو بن تميم ، وكان عمرو قد طال عمره حتى خرف وكثر ولده ، فلما بلغ بني تميم إقبال سابور إليهم هربوا ، فقال عمرو : اجعلوني في زبيل وعلقوني ، ففعلوا ذلك ، فلما دخل سابور منازلهم لم ير أحدا ورأى الزبيل معلقا فأمر به فأنزل ، فإذا شيخ مثل القفة ، فقال : من أنت يا شيخ وممن أنت ؟ قال : أنا من الذين تطلب ، أنا عمرو بن تميم بن مز بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار ، قال : إياكم أردت ، فقال عمرو : أيها الملك إنا لا نراك تصنع بنا هذا الصنيع إلا للذي بلغك أنه يكون منا في ولدك ، فوالله لئن كنت على يقين من ذلك إنه لينبغي لك أن تعلم أنه لو لم يبق من العرب إلا رجل واحد ، لما قدرت على ذلك الواحد حتى ينتهي إلى أمر الله وقضائه وقدره فيكم ، ولئن كنت على ظنون فما ينبغي للملك أن يسفك دماءنا على الظنون ، وفي كلا الحالتين أيها الملك يجب أن تحسن فيما بيننا وبينك ، فإن يكن الأمر فينا لم ينشر في العرب والعجم صنيعك الذي لا يغني شيئا ولا يدفع ما هو مقدور ، قد سبق به علم الله وجرى فيه قضاؤه ، ولعل ذلك أن يكافئ بمثله عقبك ، قال : فلما سمع مقالته أطرق الملك مليا يفكر فيما قال له ، ثم قال له : يا عمرو أما إنه لو كان هذا كلامك بدا بديا في أول أمرنا ، ما نالك ولا نال قومك ما يكرهون ، ولن ينالهم بعد ذلك إلا ما تحب ويحبون ، فمرهم بالرجوع إلى أوطانهم ، ورحل من وقته وأحسن جائزة عمرو بن تميم ولم يعرض لهم طول ما كان في ملكه " .

التالي السابق


الخدمات العلمية