صفحة جزء
468 - وحدثنا أبو حفص عمر بن محمد بن رجاء ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن داود ، قال : حدثنا أبو بكر المروذي ، قال : قلت لأبي عبد [ ص: 298 ] الله : إن رجلا قد تكلم في ذلك الجانب وقد قعد الناس يخوضون فيه ، وقد ذهبوا إلى عبد الوهاب فسألوه ، فقال : اذهبوا إلى أبي عبد الله ، وقد ذهبوا إلى غير واحد من المشيخة ، فلم يدروا ما يقولون ، وقد جاؤوا بكلامه على أن يعرضوه عليك وهذه الرقعة ، فقال : " هاتها . فدفعتها إليه ، فكان فيها : خلق الله عز وجل لنا عقولا ، وألهمنا الخير والشر ، وألهمنا الرشد ، وأوجب علينا فيما أنعم به علينا الشكر . فقال له رجل : وهكذا إيماننا قول وعمل ، ويزيد وينقص ونية واتباع السنة ، وإنما قلت : إنه مخلوق على الحركة والفعل ، إذ كان في هذا الموضع لا على القول ، فمن قال : " إن الإيمان مخلوق يريد القول فهو كافر " ، وبعد هذا يعرض كلامي على أبي عبد الله ، فإن كان خطأ رجعت وتبت إلى الله ، وإن كان صوابا ، فالحمد لله ، فقرأها أبو عبد الله حتى انتهى إلى قوله : وإنما قلت : إنه مخلوق على الحركة والفعل ، فرمى أبو عبد الله بالرقعة من يده ، وغضب شديدا ، ثم قال : " هذا أهل أن يحذر عنه ولا يكلم ، هذا كلام جهم بعينه ، وإنما قلت مخلوق على الحركة ، هذا مثل قول الكرابيسي ، إنما أراد : الحركات مخلوقة ، هذا قول جهم ، ويله إذا ، قال : إن الإيمان مخلوق ، فأي شيء بقي ؟

النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" الإيمان شهادة أن لا إله إلا الله " ، فلا إله إلا الله مخلوق ؟

قال : من أين هذا الرجل ؟ وعلى من نزل ؟ ومن يجالس ؟

قلت : هو غريب .

قال : حذروا عنه ، ليس يفلح أصحاب الكلام [ ص: 299 ] .

ثم غضب غضبا شديدا ، وأمر بمجانبته ، ثم قال أبو عبد الله : انظر كيف قد قدم التوبة أمامه : إن أنكر علي أبو عبد الله تبت ، ولم يرد أن يتكلم بكلام أنكره عليه " .

التالي السابق


الخدمات العلمية