1. الرئيسية
  2. الإبانة الكبرى لابن بطة
  3. الكتاب الثالث الرد على الجهمية
  4. باب الإيمان بأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة بأبصار رءوسهم فيكلمهم ويكلمونه لا حائل بينه وبينهم ولا ترجمان
صفحة جزء
61 - وسمعت أبا عمر ، صاحب اللغة يقول : سمعت ثعلبا ، يقول : أجمع أهل اللغة أن معنى قوله : تحيتهم يوم يلقونه سلام أن اللقاء هاهنا لا يكون إلا معاينة ، ونظرا بالأبصار [ ص: 76 ] .

وقالت الجهمية : إن النظر لا يكون إلا بطول وعرض ولون وجسم . فيقال لهم : أخبرتمونا عن الله تعالى ، أليس هو شيئا ؟ ، فإذا قالوا : بلى ، قيل لهم : فإن النظر يكون إلى ذلك الشيء .

وقالت الجهمية : إنكم شبهتم ربكم بالقمر ، فقلتم : " ترون ربكم كما ترون القمر " .

فتفهموا رحمكم الله جهلهم وكذبهم ، وافتراءهم على الله تعالى ، وعلى رسوله ، وعلى المؤمنين من عباده ، في كل أحوالهم ، فهل سمعتم عن أحد أنه قال : إن الله تعالى مثل القمر ؟ وإنما يقال : إنه يرى كما يرى القمر ، ألا ترى أنك تنظر إلى القمر كما تنظر إلى الأرض ، وليس القمر مثل الأرض ؟ ولكن النظر مثل فتنظر إلى الشيء العظيم كما تنظر إلى الشيء الصغير ، وهما مختلفان ، والنظر إليهم واحد ، ويجوز أن تقول : أهدى إلي رجل فرسا فأهديت إليه ثوبا ، وأهدى إلي شاة فأهديت إليه بقرة ، فيقال له : لم فعلت ذلك ؟ فيقول : أهديت إليه كما أهدى إلي ، فليس الثوب مثل الفرس ، ولا الشاة مثل البقرة ، ولكن الهدية مثل الهدية في الاسم [ ص: 77 ] .

واتفاق المعنى في الفعل لا في الشخصين ، وكذلك النظر مثل النظر في الاسم ، وليس المنظور إليه كله سواء .

التالي السابق


الخدمات العلمية