صفحة جزء
وأما قوله : بكل شيء محيط ، فقد فسر ذلك في كتابه فقال : وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ، فبين تلك الإحاطة : إنما هي بالعلم لا بالمشاهدة بذاته ، فبين تعالى أنه ليس كعلمه علم ؛ لأنه لا يعلم الغيب غيره .

فتفهموا الآن رحمكم الله كفر الجهمي ؛ لأنه يدخل على الجهمي أن الله تعالى لا يعلم الغيب ، وذلك أن الجهمي يقول : إن الله شاهد لنا وحال بذاته ، فسار في كل شيء ذرأه وبرأه ، وقد أكذبهم الله تعالى فقال : قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله ، فأخبر أنه يعلم الغيب ، وقال : عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ، فوصف نفسه تعالى بعلم الغيب والكبر والعلو ، ووصفه الجهمي بضد ذلك [ ص: 146 ] كله ، فزعم أنه يعلم الأشياء بمشاهدته لها ، وصغره حتى زعم أنه يحل بنفسه في البعوضة ، وسفله فزعم أنه في الأرض السفلى .

وقال تعالى : علام الغيوب ، والجهمي يزعم أنه لا يعلم الغيب ، وإنما أخبر عن صفات خلقه بحلوله فيها ، تعالى الله عما يقول الجهمي الملحد علوا كبيرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية