الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
15 - ويستوي الأخ الشقيق والأخ من الأب . ومن مات من أهل الوقف قبل استحقاقه لشيء من منافع الوقف وترك ولدا أو أسفل منه استحق ما كان استحقه المتوفى لو بقي حيا إلى أن يصير إليه شيء من منافع الوقف المذكور ، وقام ولده في الاستحقاق مقام المتوفى ، فإذا انقرضوا فعلى الفقراء ، ولو توفي الموقوف عليه 16 - وانتقل الوقف إلى ولديه ; أحمد وعبد القادر ، ثم توفي عبد القادر ، وترك ثلاثة أولاد وهم علي وعمرو ولطيفة [ ص: 405 ] وولدي ابنه محمد المتوفى حال حياة والده ; وهما عبد الرحمن وملكة ، ثم توفي عمرو عن غير نسل ثم توفيت لطيفة وتركت بنتا تسمى فاطمة ، ثم توفي علي وترك بنتا تسمى زينب ، ثم توفيت فاطمة بنت لطيفة عن غير نسل . فإلى من ينتقل نصيب فاطمة المذكورة . ؟ فأجاب : الذي ظهر لي الآن أن نصيب عبد القادر جميعه يقسم من هذا الوقف على ستين جزءا لعبد الرحمن منه اثنان وعشرون ، ولملكة أحد عشر ، ولزينب سبعة وعشرون . ولا يستمر هذا الحكم في أعقابهم ، بل كل وقت بحسبه . قال : وبيان ذلك أن عبد القادر لما توفي انتقل نصيبه إلى أولاده الثلاثة وهم علي وعمرو ولطيفة ، للذكر مثل حظ الأنثيين ، لعلي خمساه ، ولعمرو خمساه ، وللطيفة خمسه . وهذا هو الظاهر عندنا ، ويحتمل أن يقال يشاركهم عبد القادر وملكة ولدا محمد المتوفى في حياة أبيه ، ونزلا منزلة أبيهما فيكون لهما السبعان ، ولعلي السبعان ، ولعمرو السبعان ، وللطيفة السبع . وهذا وإن كان محتملا ، فهو مرجوح عندنا لأن التمكن من مأخذه ثلاثة أمور : إحداها : أن مقصود الواقف أن لا يحرم أحد من ذريته . وهذا ضعيف لأن المقاصد إذا لم يدل عليها اللفظ لا يعتبر . 17 -

الثاني إدخالهم في الحكم وجعل الترتيب بين كل أصل وفرعه [ ص: 406 ] لا بين الطبقتين جميعا ، وهذا محتمل لكنه خلاف الظاهر . وقد كنت ملت إليه مرة في وقف للفظ اقتضاه فيه لست أعمه في كل ترتيب .

الثالث : الاستناد إلى قول الواقف ; أن من مات من أهل الوقف قبل استحقاقه بشيء قام ولده مقامه . وهذا أقوى لكن إنما يتم لو صدق على المتوفى في حياة والده أنه من أهل الوقف . وهذه مسألة كان قد وقع مثلها في الشام قبل التسعين وستمائة . وطلبوا فيها نقلا فلم يجدوه فأرسلوا إلى الديار المصرية يسألون عنها ولا أدري ما أجابوهم ، لكني رأيت بعد ذلك في كلام الأصحاب فيما إذا وقف على أولاده على أن من مات منهم انتقل نصيبه إلى أولاده ، ومن مات ولا ولد له انتقل نصيبه إلى الباقين من أهل الوقف ، فمات واحد عن ولده انتقل نصيبه إليه ، فإذا مات آخر عن غير ولد انتقل نصيبه إلى أخيه وابن أخيه لأنه صار من أهل الوقف . فهذا التعليل يقتضي 18 -

أنه إنما صار من أهل الوقف بعد موت والده فيقتضي أن [ ص: 407 ] ابن عبد القادر المتوفى في حياة والده ليس من أهل الوقف وأنه إنما يصدق عليه اسم أهل الوقف إذا آل إليه الاستحقاق . قال : ومما يتنبه له أن بين أهل الوقف والموقوف عليه عموما وخصوصا من وجه .


[ ص: 404 ] قوله : يستوي الأخ الشقيق والأخ لأب إلخ . قيل : هذا مخالف لما في أنفع الوسائل فقد نقل تقديم الأخ لأب وأم على الأخ لأب وضعف ما هنا فراجعه . ( 16 )

قوله : وانتقل الوقف إلى ولديه أحمد وعبد القادر إلخ . قيل : لم يذكر موته ولا تختلف قسمة نصيب عبد القادر على أولاده وأولاد أولاده لاشتراط انتقال نصيب من مات عن ولد لولده ومن مات لا عن ولد إلى من في درجته ولم يخل واحد منهم عن أحد هذين [ ص: 405 ]

قوله : الثاني إدخالهم في الحكم وجعل الترتيب بين كل أصل إلخ . قيل عليه هذا إنما يتمشى قطعا لو كان في شرط الواقف صريحا في ترتيب الطبقات وحجب كل [ ص: 406 ] طبقة ما تحتها بأن يقول نسلا بعد نسل بعد وفاة عبد القادر أنه لو كان حيا لكان من أهل الوقف لتقدم طبقته وحجبه بأولاد عبد القادر فكان ولده محمد يقوم مقامه بمقتضى اللفظ ، وأما هنا فلم يقل صريحا بالحجب وقال : على أن من مات من أهل الوقف ينتقل نصيبه إلى أولاده ولا ينتقل إلى ولدي محمد شيء ، ونظر المصنف رحمه الله إلى لفظ ثم فقط وأنه يقتضي الترتيب وحجب كل طبقة لما تحته وهو الحق فالكلام فيه تطويل .

( 18 ) قوله : أنه إنما صار من أهل الوقف بعد موت والده إلخ . قيل : حاصل فرقه أن أهل الوقف من رجع إليه الوقف بالفعل ، والموقوف عليه من له الوقف بالقوة .

التالي السابق


الخدمات العلمية