الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
[ ص: 451 ] القاعدة الخامسة عشرة : من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه

1 - ومن فروعها ، حرمان القاتل مورثه من الإرث . ومنها ما ذكره الطحاوي في مشكل الآثار أن المكاتب إذا كان له قدرة على الأداء فأخره ليدوم له النظر إلى سيدته لم يجز له ذلك ، لأنه منع واجبا عليه

2 - ليبقى ما يحرم عليه إذا أداه ، نقله عن السبكي رحمه الله في شرح المنهاج ، وقال : إنه تخريج حسن لا يبعد من جهة الفقه ( انتهى ) . [ ص: 452 ]

3 - ولم يظهر لي كونها من فروعها وإنما هي من فروع ضدها ، وهو أنه من أخر الشيء بعد أوانه ، فليتأمل في الحكم فإنه لم يذكر إلا عدم الجواز

4 - فلم يعاقب بحرمان شيء .


[ ص: 451 ] قوله : ومن فروعها حرمان القاتل مورثه إلخ . بنصب مورثه على المفعولية لا من الفاعل ، وقوله على الإرث متعلق بحرمان ، والمعنى إنصاف من قتل مورثه بالحرمان من إرثه ، من فروع هذه القاعدة أطلق الحرمان وهو مقيد بأن لا يكون القتل بحق في نفس الأمر كما لو قتل العادل مورثه البغي فإنه يرثه لأنه قتله بحق ، أو في زعم القاتل ولو بتأويل فاسد ضمت إليه المنعة ، كما لو قتل الباغي مورثه العادل فإنه يرثه لأنه حق في زعم الباغي ، فإن البغاة يرون إباحة دم كل من ارتكب معصية صغيرة كانت أو كبيرة على ما بين في باب البغاة ، ومن ثم قال الزيلعي في باب البغاة : القاتل عمدا بغير حق لا يرث إلا في مسألة وهي ما لو قتل الباغي العادل وقال أنا على الحق .

( 2 ) قوله : ليبقى ما حرم عليه إذا أداه إلخ . مفاده أنه قبل الأداء لا يحرم عليه نظره إلى سيدته وهو مذهب الشافعي ، لأن مذهبنا أن عبد المرأة كالأجنبي كما في كراهية الكنز ، ومن ثم قال بعض الفضلاء : إن هذا الفرع إنما يتأتى على مذهب الشافعي ، وأما عندنا فلا لأن عبدها كالأجنبي وبيانه أنه حين قدر على الأداء له أن يخرج من [ ص: 452 ] ذل الرق وتعلق الحرمة المتعلقة بحقوق السيد الواجبة عليه فأخره بعد أوانه لفرض فعوقب بحرمان ذلك الغرض فتأمل . وإذا لم يؤول كذلك لزم أن يكون من فروع واحدة من القاعدتين .

( 3 ) قوله : ولم يظهر لي كونها من فروعها إلخ . لأنها ليست من الاستعجال في شيء أقول : وإنما هي من فروع ضدها . قيل : لو كانت من فروع ضدها لبطلت الكتابة به ولم يقل أحد ببطلانها . وفي منهاج النووي وشرحه للمحلي : الكتابة لازمة من جهة السيد ليس له فسخها إلا أن يعجز المكاتب عن الأداء عند المحل بنجم أو ببعضه ، فللسيد الفسخ في ذلك وفيما إذا امتنع من الأداء مع القدرة عليه كما في الروضة ( انتهى ) .

فإن حمل كلام الطحاوي والسبكي على الأخير منهما فلا إشكال وإلا فمشكل .

( 4 ) قوله : فلم يعاقب بحرمان شيء إلخ . قيل عليه : ممنوع ، فإنه عوقب بحرمان النظر حيث منع عنه شرعا وصار بالتأخير محظورا ولو سلم لم تكن من فروع ضدها ادعى أنها من فروعه .

التالي السابق


الخدمات العلمية