الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
كل كافر تاب فتوبته مقبولة في الدنيا والآخرة إلا جماعة الكافرين بسب النبي صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء . 8 -

وبسب الشيخين أو أحدهما [ ص: 192 ] وبالسحر ، ولو امرأة ، 10 - وبالزندقة 11 - إذا أخذ قبل توبته


( 7 ) قوله : الكافر بسب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إلخ .

أقول : ظاهر كلامه أن ساب الأنبياء لا يقبل توبته عند الله تعالى وهو مخالف لما ذكره في شرحه على الكنز من أن المصرح به أنها مقبولة عند الله تعالى ( انتهى ) .

قال بعض الفضلاء : ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى من عدم قبول توبته إنما يحفظ لبعض أصحاب مالك كما نقله القاضي عياض وغيره ، أما على طريقتنا فلا .

وقد أنكرها على المصنف رحمه الله تعالى أهل عصره كالبرهمتوشي والشيخ أمين الدين بن عبد العال ( انتهى ) .

( 8 ) قوله : وبسب الشيخين إلخ قيل : عزى المصنف رحمه الله تعالى عدم قبول توبة من سب الشيخين في البحر للجوهرة ولم يوجد ذلك في عامة النسخ ، وحكى المؤلف أخوه العلامة عمر بن نجيم رحمه الله تعالى أنه أفتى بذلك وطلب منه النقل بذلك فلم يوجد إلا على شرح الجوهرة وذلك بعد حرق الرجل ( انتهى ) .

أقول على فرض ثبوت ذلك في عامة نسخ الجوهرة لا وجه له يظهر لما قدمناه من قبول توبة من سب الأنبياء عندنا خلافا للمالكية والحنابلة ، وإذا كان كذلك فلا وجه للقول بعدم قبول [ ص: 192 ] توبة من سب الشيخين بالطريق الأولى ، بل لم يثبت ذلك عن أحد من الأئمة الأعلام فيما أعلم .

( 9 ) قوله : وبالسحر إلخ هذا هو المفتى به كما في العلامية .

واعلم أن استعمال السحر تجربة أو امتحانا لا اعتقادا ليس بكفر كما في بعض الحواشي .

( 10 ) قوله : وبالزندقة . محله ما إذا كان الزنديق مسلما فتزندق . والزنديق ثلاثة : زنديق أصلي وأنه يترك على شركه إذا كان من العجم ، وزنديق غير أصلي بأن كان مسلما فتزندق فإنه يعرض عليه الإسلام فإن أسلم وإلا قتل ; لأنه مرتد ، وزنديق تزندق بعد أن كان ذميا فإنه يترك على حاله ; لأن الكفر ملة واحدة . كذا في الملتقطات .

وما ذكره المصنف رحمه الله تعالى هو المفتى به كما في العلامية .

وينبغي أن يزاد على ما استثناه المصنف رحمه الله تعالى : المرتد الذي إذا أخذ تاب وإذا ترك ارتد وعاد وتكرر ذلك منه بين العباد في الخانية آخر كتاب الحدود .

وحكي أنه كان ببغداد نصرانيان مرتدان إذا أخذا تابا وإذا تركا عادا إلى الردة . قال أبو عبد الله البلخي : يقتلان ولا تقبل توبتهما .

( 11 ) قوله : إذا أخذ قبل توبته .

هذا في الفتح ، وفي البحر للمصنف رحمه الله تعالى نقلا عن الخانية : قال الفقيه أبو الليث : إذا تاب الساحر قبل أن يؤخذ تقبل توبته ولا يقتل ، وإن أخذ ثم تاب لم تقبل توبته ويقتل . وكذا الزنديق المعروف الداعي . والفتوى على هذا القول ( انتهى ) .

قال بعض الفضلاء : هذا يفيد أن قوله إذا أخذاه قيد في السحر والزندقة ( انتهى ) .

أقول : هذا ظاهر لما تقرر في كتب الأصول أن الشرط يرجع لجميع ما سبق عندنا بخلاف الاستثناء والصفة فإنهما يرجعان إلى ما يقعان بعده ، والفرق مذكور في كتب الأصول لكن محل كون الاستثناء يرجع للآخر ما لم يقتض رجوعه للجميع دليل وكذلك إذا كان الاستثناء بالمشيئة فإنه يرجع للجميع ، كما في تحفة الوصول إلى قواعد الأصول للشيخ محمد بن عبد الله الغزي التمرتاشي

التالي السابق


الخدمات العلمية