الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
[ ص: 109 ] وإن كان وقتها معيارا لها بمعنى أنه لا يتسع غيرها كالصوم في يوم رمضان فإن التعيين ليس بشرط إن كان الصائم صحيحا مقيما فيصح بمطلق النية ونية النفل وواجب آخر لأن التعيين في المتعين لغو وإن كان مريضا ففيه روايتان والصحيح وقوعه عن رمضان سواء نوى واجبا آخر أو نفلا [ ص: 110 ] وأما المسافر فإن نوى عن واجب آخر وقع عما نواه لا عن رمضان . 189 -

وفي النفل روايتان .

والصحيح وقوعه عن رمضان


[ ص: 109 ] قوله : وإن كان وقتها معيارا .

المراد من المعيار المثبت بقدر الفعل حيث يطول بطوله ويقصر بقصره ، ووقت الصوم معيار ، لا ظرف ، بخلاف الصلاة كذا في البناية .

قوله : وإن كان مريضا ففيه روايتان ، والصحيح وقوعه عن رمضان لأنه لما صام التحق بالصحيح ; واختاره شيخ الإسلام وشمس الأئمة ، وصححه في المجمع ; وقيل : يقع عما نوى كالمسافر ; واختاره صاحب الهداية وأكثر المشايخ .

وقيل : إنه ظاهر الرواية ومن ثم اعتمده الشيخ محمد بن عبد الله التمرتاشي في مختصره تنوير الأبصار وقيل بالتفصيل بين أن يضره الصوم فيتعلق بخوف الزيادة وبين أن لا يضره الصوم ، وذلك لأن المرض على قسمين : ما لا يضره الصوم .

معه كالأمراض الرطوبية وفساد الهضم بل يفيده فلا رخصة فيه ، وما يضره كالحميات المطبقة ووجع الرأس والعين ففيها الرخصة .

وأما بالعجز عن الصوم أو خوف الازدياد ، ففي صورة خوف الازدياد لو صام فهو كالمسافر وفي صورة العجز فكالصحيح .

كذا في شرح الغابي على المغني ، ولم يذكر المصنف رحمه الله ما إذا أطلق النية عن صفة النفل ، والواجب لوقوع الخلاف فيها بناء على الروايتين وفهمهما من اللتين في النفل ، فمن قال بوقوعها عن النفل قال بعدم وقوعها عن رمضان لأنه لما صار رمضان في حقه بمنزلة شعبان حتى قيل سائر أنواع الصوم ، فلا بد من التعيين لينصرف صومه إليه ، وأما على الرواية بوقوع النفل عن رمضان فلا أشك أنه يقع عن فرض الوقت مع أنها لا تحتمل الفرض ، فبالنية المطلقة التي تحتمله أولى أن يقع عن الفرض ، لكن الأصح أن إطلاق النية بوقوع صومه عن رمضان على الروايتين . [ ص: 110 ]

قوله : وأما المسافر فإن نوى عن واجب آخر وقع عما نواه .

لأن له أن لا يصوم فله أن يصرفه إلى ما نوى ; وقال لا يقع عن رمضان لأنه يفارق المقيم في رخصته الترك فإن لم يترك صار كالمقيم .

كذا في شرح الجامع الصغير للتمرتاشي قيل : المسافر والمريض إذا صاما رمضان يشترط أن ينوي كل منهما ليلا ، على قولهما .

قال القاضي خان مريض أو مسافر لم ينو الصوم من الليل في شهر رمضان ثم نوى بعد طلوع الفجر ، قال أبو يوسف رحمه الله يجزيه .

وبه أخذ الحسن ولم ينبه عليه المصنف رحمه الله ( انتهى ) .

أقول قد نبه في البحر على عدم الاشتراط عند قول الكنز ، وصح صوم رمضان والنظر المعين بالنية من الليل إلى ما قبل نصف النهار ، حيث قال : فإنه لا فرق بين الصحيح والمريض والمسافر والمقيم لأنه لا تفصيل فيما ذكرنا من الدليل .

وقال : زفر لا يجوز الصوم للمسافر والمريض إلا بنية من الليل لأن الأداء غير مستحق عليهما فصار كالقضاء ، ورد بأنه من باب التغليظ ; والمناسب لهما التخفيف .

وفي الخانية مريض أو مسافر لم ينو الصوم من الليل في شهر رمضان ثم نوى بعد طلوع الفجر ؟ قال أبو يوسف يجزيهما ( انتهى ) .

وبه أخذ الحسن قال صاحب الكشف الكبير : فهذا يشير إلى أن عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله لا يجزيهما ( انتهى ) .

وهذه الإشارة مدفوعة بصريح المنقول من أن عندنا لا فرق كما ذكره في المبسوط والنهاية والولوالجية وغيره ( 189 )

قوله : وفي النفل روايتان والصحيح وقوعه عن رمضان .

وفي شرح [ ص: 111 ] الجامع الصغير للتمرتاشي : ولو نوى المسافر عن النفل فهو عن رمضان في أصح الروايتين عنه لأن الأهم هذا .

والمريض عند الكرخي على هذا .

وقيل : يجعل عن رمضان ، كيف نوى بالإجماع ، لأن المبيح في حقه العجز ، وقد ظهر أنه لا عجز ; وفي حق المسافر المبيح السفر وهو به قائم ( انتهى ) .

وفيه عن أبي يوسف رحمه الله : نذر صوم يوم بعينه فصامه بنية النفل يقع عن النذر ، وإن نوى واجبا آخر يقع عما نوى ، لأنه مشروع له ، والفرض مشروع عليه والعبد لا يملك تغيير الوقت فيما عليه

التالي السابق


الخدمات العلمية