الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
33 - والحكم بالحرية الأصلية حكم على الكافة حتى لا تسمع دعوى الملك من واحد . [ ص: 320 ] وكذا العتق وفروعه . وأما الحكم في الملك المؤرخ فعلى الكافة من التاريخ لا قبله ، يعني إذا قال زيد لبكر : إنك عبدي ملكتك منذ خمسة أعوام ، فقال بكر : إني كنت عبد بشر ملكني منذ ستة أعوام فأعتقني وبرهن عليه ، اندفع دعوى زيد . ثم إذا قال عمرو لبكر إنك عبدي ملكتك منذ سبعة أعوام وأنت ملكي الآن ، وبرهن عليه تقبل ، ويفسخ الحكم بحريته ، ويجعل ملكا لعمرو . ودل عليه أن قاضي خان قاله في أول البيوع في شرح الزيادات . فصارت مسائل الباب على قسمين : أحدهما : عتق في ملك مطلق ، وهو بمنزلة حرية الأصل ، والقضاء به قضاء على كافة الناس من وقت التاريخ . ولا يكون قضاء قبله . فليكن هذا على ذكر منك فإن الكتب المشهورة خالية عن هذه الفائدة ( انتهى ) .

وهنا فائدة أخرى هي أنه لا فرق في كونه على الكافة بين أن يكون ببينة أو بقوله أنت حر إذا لم يسبق منه إقرار بالرق ، كما صرح به في المحيط البرهاني .


( 33 ) قوله : والحكم بالحرية إلخ . وهو فقه حسن . وإنما كان الحكم بالحرية الأصلية أو ما في حكمها حكما على الكافة ; لأن الحرية تثبت أحكاما متعدية من أهلية الولايات والشهادات وغيرها ، فالقضاء بها قضاء بتلك الأحكام ، فيتعدى إلى الكل وينتصب البعض خصما عن البعض . وحقيقة الفقه فيه أن القضاء بالحرية قضاء بعدم الرق والرق إذا انعدم في حق شخص ينعدم في حق الكل كما تقدم . [ ص: 320 ] قوله : وكذا العتق وفروعه . قيل : المراد القضاء بالعتق بعد ثبوت ملك المعتق حتى إذا ادعى شخص أن هذا العبد ملكه بعد القضاء المذكور لا تسمع دعواه ; لأن البينة الشاهدة بملك المعتق ترجحت باتصال الحكم بها على بينة المدعي المعارضة لها وإلا فالقضاء بمجرد العتق بدون ثبوت الملك للمعتق لا يمنع من دعوى آخر ، فقد يعتق الشخص من لا يملكه ( انتهى )

التالي السابق


الخدمات العلمية