الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
36 - وأما الجهل فحقيقته 37 - عدم العلم عما من شأنه العلم ; [ ص: 297 ] فإن قارن اعتقاد النقيض فهو مركب ، 39 - وهو المراد بالشعور بالشيء على خلاف ما هو به 40 - وإلا فبسيط وهو المراد بعدم الشعور


( 36 ) قوله : وأما الجهل فحقيقته إلخ . قيل اعتقاد الشيء على خلاف ما هو به واعترض بأنه يستلزم كون المعدوم شيئا إذ الجهل يتحقق بالمعدوم كما يتحقق بالموجود أو كون المعدوم غير داخل في الحد ، وكلامهما فاسد كذا في الكشف الصغير . أقول هذا الاعتراض إنما يتم على مذهب أهل السنة والجماعة القائلين بأن المعدوم ليس بشيء أما على مذهب المعتزلة فلا . ويحتمل أن القائل بهذا التعريف معتزلي وحينئذ لا يتوجه الاعتراض . ( 37 ) قوله : عدم العلم عما من شأنه العلم . أي أن يعلم ; فعلى هذا لا يقال للحجر والحائط جاهل ; لأن العلم ليس شأنهما فيكون التقابل بينهما تقابل العدم والملكة ، وإن لم يعتبر قيد عما من شأنه يكون الحجر والحائط جاهلين فالتقابل بينهما تقابل النفي والإثبات ، وقيل : إنه صفة تضاد العلم في محل قابل له فهو وجودي والتقابل بينهما تقابل التضاد ، وهو بهذا المعنى نظري فليس بعيب ويمكن إزالته بالتعلم وإنما العيب في التقصير في إزالته قال المتنبي :

ولم أر في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام

وقال الشاعر :

فاجهد بنفسك واستكمل فضائلها     فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان



[ ص: 297 ] قوله : فإن قارن اعتقاد النقيض فمركب .

بأن اعتقد أنه عالم اعتقادا غير مطابق .

( 39 ) قوله : وهو المراد بالشعور بالشيء إلخ .

أقول : وحده بعضهم بأنه اعتقاد جازم غير مطابق للواقع مع اعتقاد المطابقة وهو عيب لا يمكن إزالته بالتعلم ; لأن صاحبه يعتقد أنه عالم فلا يشتغل بالتعلم وعلى تقسيم الجهل إلى مركب وبسيط قال الشاعر :

قال حمار الحكيم يوما     لو أنصفوني لكنت أركب
; لأنني جاهل بسيط     وراكبي جهله مركب

وقال المتنبي :

ومن جاهل لي وهو يجهل جهله     ويجهل علمي أنه بي جاهل

( 40 ) قوله : وإلا فبسيط إلخ .

وذلك كما إذا قيل لك أنت تعلم عدد شعر رأسك أو تجهله فتقول أجهله فإذا قيل لك أنت تعلم أنك جاهل بذلك فتقول نعم

التالي السابق


الخدمات العلمية