الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
( السابع ) في وقتها [ ص: 153 ] الأصل أن وقتها أول العبادات ، ولكن الأول حقيقي وحكمي ، فقالوا في الصلاة : لو نوى قبل الشروع فعن محمد رحمه الله لو نوى عند الوضوء أنه يصلي الظهر ، أو العصر مع الإمام ، ولم يشتغل بعد النية بما ليس من جنس الصلاة إلا ، أنه لما انتهى إلى مكان الصلاة لم تحضره النية جازت صلاته بتلك النية ، وهكذا روي عن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله ، كذا في الخلاصة ، وفي التجنيس إذا توضأ في منزله ليصلي الظهر ، ثم حضر المسجد وافتتح الصلاة بتلك النية ، فإن لم يشتغل بعمل آخر يكفيه ذلك 317 - هكذا 318 - قال محمد رحمه الله في الرقيات ; لأن النية المتقدمة على الشروع تبقى إلى وقت الشروع حكما كما في الصوم ، إذا لم يبدلها بغيرها .

[ ص: 154 ] وعن محمد بن سلمة : إن كان عند الشروع بحيث لو سئل : أية صلاة تصلي يجيب على البداهة من غير تفكر ، فهي نية تامة ، ولو احتاج إلى التأمل لا تجوز ، وفي فتح القدير فقد شرطوا عدم ما ليس من جنس الصلاة لصحة تلك النية مع تصريحهم بأنها صحيحة مع العلم بأنه يتخلل بينها وبين الشروع المشي إلى مقام الصلاة ، وهو ليس من جنسها ، فلا بد من كون المراد بما ليس من جنسها ما يدل على الأعراض بخلاف ما لو اشتغل بكلام ، أو أكل ، أو تقول : عد المشي إليها من أفعالها غير قاطع للنية ، وفي الخلاصة أجمع أصحابنا ، أن الأفضل أن تكون مقارنة للشروع ، ولا يكون شارعا بنية متأخرة ; لأن ما مضى لا يقع عبادة لعدم النية ، فكذا الباقي لعدم التجزي ، ونقل ابن وهبان اختلافا بين المشايخ خارجا عن المذهب موافقا لما نقل عن الكرخي من جواز التأخير عن التحريمة ، فقيل : إلى الثناء ، وقيل : إلى التعوذ ، وقيل : إلى الركوع وقيل إلى الرفع ، والكل ضعيف ، والمعتمد أنه لا بد من القران حقيقة ، أو حكما ، 320 - وفي الجوهرة : ولا معتبر بقول الكرخي .


[ ص: 153 ] قوله : الأصل أن وقتها أول العبادات في فتح القدير ، والأصل أن وقت النية أول العبادات ، أو نحوها وخرج عن ذلك الصوم ، فجوز تقديم نيته على أول الوقت لعسر مراقبته ، وكذلك الزكاة وصدقة الفطر ، وما في غير العبادات ، كنيته الاستثناء في اليمين ، فإنهما قبل فراغ المستثنى . ( 317 )

قوله : هكذا ، يحتمل هذا اللفظ وجهين : أحدهما أنها حرف تنبيه داخلة على اسم الإشارة تقديرا ، والكاف حرف تشبيه جارة لاسم الإشارة في موضع نصب على الحال ، أو نعت لمصدر محذوف ، وثانيهما أنها فعل بمعنى : خذوا ، كذا : جار ومجرور متعلق به ، والجملة مستأنفة استئنافا بيانيا . ( 318 )

قوله : قال محمد في الرقيات : هو اسم كتاب أملاه محمد بالرقة حين كان مقيما بها فنسب إليها ، وهو من كتب النوادر . [ ص: 154 ] قوله : وعن محمد بن سلمة إلى آخره . قيل : ومثل الصلاة الصوم عنده ، لكن الأصح أنها لا تكون نية ; لأنها غير العلم ; ألا ترى أن من علم الكفر لا يكفر ، ولو نواه يكفر كما في مجمع الفتاوى . ( 320 ) قوله : وفي الجوهرة : ولا معتبر بقول الكرخي ، فإنه قاس الصلاة على [ ص: 155 ] الصوم ، وهو لا يصح ; لأن سقوط القران في الصوم لمكان الحرج ، والحرج يندفع بتقديم النية في الصلاة ، فلا ضرورة إلى التأخير ، وجواز التأخير في الصوم للحرج ، قال بعض الفضلاء : ولقائل أن يقول : يندفع الحرج بالتقديم في الصوم أيضا كما لا يخفى

التالي السابق


الخدمات العلمية