الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
33 - الرابعة عشرة : تملك العقار للشفيع بالأخذ بالتراضي أو قضاء القاضي ، فقبلهما لا ملك له فلا تورث عنه لو مات ، وتبطل إذا باع ما يشفع به . تنبيه : قد علمت أن الموصى له وإن ملك المنفعة لا يؤجر ، وينبغي أن له الإعارة : وأما المستأجر فيؤجر ويعير ما لا يختلف باختلاف المستعمل ، والموقوف عليه السكنى لا يؤجر ويعير ، والشافعية جعلوا لذلك أصلا وهو : أن من ملك المنفعة ملك الإجارة والإعارة ، ومن ملك الانتفاع ملك الإعارة لا الإجارة ، ويجعلون المستعير والموصى له بالمنفعة مالكا للانتفاع فقط ،

34 - وهذا يتخرج على قول الكرخي من أن الإعارة إباحة المنافع لا تمليكها والمذهب عندنا أنها تمليك المنافع بغير عوض ، فهي [ ص: 478 ] كالإجارة تملك المنافع ، وإنما لا يملك المستعير الإجارة لأنه ملك المنفعة بغير عوض فلا يملك أن يملكها بعوض ، ولأنه لو ملك الإجارة لملك أكثر مما ملك ، فإنه ملك المنفعة بلا عوض فيملكها نظير ملك ، ولأنه لو ملكها للزم أحد الأمرين غير الجائزين : لزوم العارية أو عدم لزوم الإجارة . وهذان التعليلان يشملان الموقوف عليه والمستعير وهما سواء على الراجح ، فيملك الموقوف عليه السكنى المنفعة كالمستعير ، وقيل : إن ما أبيح له الانتفاع ، وهو ضعيف كان له الإعارة . وتمامه في فتح القدير من الوقف . وأما الإجارة المقطع ما أقطعه الإمام ; فأفتى العلامة قاسم بن قطلوبغا بصحتها ، قال : ولا أثر لجواز إخراج الإمام له في أثناء المدة كما لا أثر لجواز موت المؤجر في أثنائها ; ولا لكونه ملك منفعة لا في مقابلة مال ; فهو نظير المستأجر لأنه ملك منفعة الإقطاع بمقابلة استعداده لما أعد له لا نظير المستعير لما قلنا ، وإذا مات المؤجر أو أخرج الإمام الأرض عن المقطع تنفسخ الإجارة

35 - لانتقال الملك إلى غير المؤاجر . [ ص: 479 ]

36 - كما لو انتقل الملك في النظائر التي خرج عليها إجارة الإقطاع ، 37 - وهي إجارة المستأجر ، وإجارة العبد الذي صولح على خدمته مدة معلومة ، وإجارة الموقوف عليه الغلة وإجارة العبد المأذون ما يجوز عليه عقد الإجارة من مال التجارة وإجارة أم الولد ( انتهى ) . وقد ألفت رسالة في الإقطاعات وأخرى سميتها التحفة المرضية في ( الأراضي المصرية ) وفيما أفتى به العلامة قاسم التصريح بأن للإمام أن يخرج الإقطاع عن المقطع متى شاء ، وهو محمول على ما

38 - إذا أقطعه أرضا عامرة من بيت المال ، أما إذا أقطعه مواتا من بيت المال فأحياها ، ليس له إخراجه عنه لأنه صار مالكا للرقبة ، كما ذكره أبو يوسف رحمه الله في كتاب الخراج .


( 33 ) قوله : الرابعة عشرة تملك العقار . أقول لم يذكر المصنف الملك في القسمة بماذا يستقر وذكره في الذخيرة من الرابع من كتاب القسمة فقال : إن الملك لا يقع لواحد من الشركاء في سهم بعينه بنفس القسمة بل يتوقف بإحدى معان أربع : إما بالقبض أو قضاء القاضي أو القرعة أو بأن يوكلوا رجلا يلزم كل واحد منهم سهما ( انتهى ) . وفي القنية : والمقبوض بالقسمة الفاسدة يثبت الملك فيه وينفذ التصرف كالمقبوض بالشراء الفاسد ( انتهى ) . أقول : للشفيع الأخذ بالتراضي أو قضاء القاضي قبلها لا ملك له فلا تورث عنه لو مات وتبطل ما إذا باع ما يشفع به .

( 34 ) قوله : وهذا يتخرج على قول الكرخي . أقول الصواب أن يقول وهذا يناسب قول الكرخي . [ ص: 478 ]

( 35 ) قوله : لانتقال الملك إلى غير المؤاجر . كذا بخط المصنف وفيه أنه ذكر صدر الشريعة أنه لا يقال مؤاجر ورده حفيد السعد في حاشيته عليه بأنه سمع في الحديث النبوي لفظ المؤاجر ( انتهى ) . وهو مبني على جواز الاحتجاج بالأحاديث من حيث اللفظ وفيه كلام يعلم بمراجعة شرح التسهيل للفاضل الدماميني . [ ص: 479 ]

( 36 ) قوله : في النظائر التي خرج عليها إلخ خرج عليها أرباب التخريج لعدم وجدانهم الرواية عن الإمام وأصحابه بصحة إجارة المقطع .

( 37 ) قوله : وهي إجارة المستأجر . بفتح الجيم على صيغة اسم المفعول كما في خط المصنف بالقلم .

( 38 ) قوله : إذا أقطعه إلخ . أقول الإقطاع إنما يكون للعامر أما الإذن من الإمام لمن يحيي أرضا مواتا فلا يقال له إقطاع وحينئذ فلا حاجة إلى هذا الحمل الذي ذكره المصنف رحمه الله تعالى

التالي السابق


الخدمات العلمية