الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
( الفائدة ) الثانية الشك تساوي الطرفين 131 - والظن الطرف الراجح وهو ترجيح جهة الصواب ، والوهم رجحان جهة الخطأ ، وأما أكبر الرأي وغالب الظن 132 - فهو الطرف الراجح إذا أخذ به القلب ، وهو المعتبر عند الفقهاء كما ذكره اللامشي في أصوله 133 - وحاصله 134 - أن الظن عند الفقهاء [ ص: 241 ] من قبيل الشك ; لأنهم يريدون به التردد بين وجود الشيء وعدمه سواء استويا ، أو ترجح أحدهما ، وكذا قالوا في كتاب الإقرار : لو قال : له علي ألف درهم في ظني لا يلزمه شيء ; لأنه للشك ( انتهى ) .

وغالب الظن عندهم ملحق باليقين ، وهو الذي يبتنى عليه الأحكام يعرف ذلك من تصفح كلامهم في الأبواب ، صرحوا في نواقض الوضوء بأن الغالب كالمتحقق ، وصرحوا في الطلاق بأنه إذا ظن الوقوع لم يقع ، وإذا غلب على ظنه وقع


( 131 ) قوله : والظن الطرف الراجح إلخ . قيل : كأنه أراد بجهة الصواب مطابقة القواعد وبجهة الخطأ عدمها ، فإن الظن حينئذ الطرف الراجح المطابق ، كما أن الوهم الطرف الراجح الغير المطابق ، وسكت عن الطرف المرجوح المطابق مطلقا ، وغير المطابق ، والمعروف أن الوهم الطرف المرجوح مطلقا . ( 132 )

قوله : فهو الطرف الراجح إذا أخذ به القلب . قيل : إن أراد بأخذ القلب الجزم فهو ينافي كونه راجحا ، والفرض أنه كذلك ، وإن أراد أقصى مراتب الظن بحيث يقرب من مرتبة الجزم فلا بأس به . ( 133 )

قوله : وحاصله ، أي ما ذكره اللامشي في أصوله وفيه نظر ، إذ لا يفهم ذلك مما ذكره اللامشي ( 134 ) قوله : إن الظن عند الفقهاء من قبيل الشك . قيل عليه : إنما ينبغي أن [ ص: 241 ] يقال : إن الظن قد يطلق عند الفقهاء على أحد شقي التردد ، وذلك ; لأنه قد يترجح بوجه ما ثم يزول الترجح بمعارض له ، فسموه ظنا باعتبار ذلك الحال وبنوا عليه الحكم في المال فيحصل بذلك التوفيق بين كلامهم في الأصول وكلامهم في الفروع ، ولا ينبغي الجزم بأنه عند الفقهاء مطلقا من قبيل الشك ، لئلا يتوهم تركهم استعماله بمعنى الطرف الراجح أصلا فتأمل . ( 135 )

قوله : من قبيل الشك إلخ . وعليه فالشك أعم وبه علم أن ما قدمه من أن الشك تساوي الطرفين عند غير الفقهاء كالمعقولين

التالي السابق


الخدمات العلمية