الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
11 - الثانية : ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها ، ولذا قال في أيمان [ ص: 277 ] الظهيرية : إن اليمين الكاذبة لا تباح للضرورة وإنما يباح التعريض ، ( انتهى ) .

يعني ; لاندفاعها بالتعريض ، ومن فروعه : المضطر لا يأكل من الميتة إلا قدر سد الرمق والطعام في دار الحرب يؤخذ على سبيل الحاجة ; لأنه إنما أبيح للضرورة .

قال في الكنز : وينتفع فيها بعلف وطعام وحطب وسلاح ودهن بلا قسمة ، وبعد الخروج منها لا ، وما فضل رد إلى الغنيمة .

وأفتوا بالعفو عن بول السنور في الثياب دون الأواني ; لأنه لا ضرورة في الأواني ; لجريان العادة بتخميرها .

وفرق كثير من المشايخ في البعر بين آبار الفلوات ; فيعفى عن قليله للضرورة ; لأنه ليس لها رءوس حاجزة والإبل تبعر حولها ، وبين آبار الأمصار ; لعدم الضرورة ، بخلاف الكثير .

ولكن المعتمد عدم الفرق بين آبار الفلوات والأمصار ، وبين الصحيح والمنكسر ، وبين الرطب واليابس .

ويعفى عن ثياب المتوضئ إذا أصابها من الماء المستعمل ، 12 - على رواية النجاسة للضرورة ولا يعفى عما يصيب ثوب غيره ; لعدمها ، ودم الشهيد طاهر في حق نفسه ، نجس في حق غيره [ ص: 278 ] لعدم الضرورة ، والجبيرة يجب أن لا تستر من الصحيح إلا بقدر ما لا بد منه ، والطبيب إنما ينظر من العورة بقدر الحاجة .

وفرع الشافعية عليها ; أن المجنون لا يجوز تزويجه أكثر من واحدة ; لاندفاع الحاجة بها ( انتهى ) ، ولم أره لمشايخنا رحمهم الله


( 11 ) قوله : الثانية ما أبيح للضرورة إلخ .

في فتح القدير هاهنا خمسة مراتب [ ص: 277 ] ضرورة وحاجة ومنفعة وزينة وفضول .

فالضرورة بلوغه حدا إن لم يتناول الممنوع هلك إذا قاربه ، وهذا يبيح تناول الحرام .

والحاجة كالجائع الذي لو لم يجد ما يأكله لم يهلك غير أنه يكون في جهد ومشقة وهذا لا يبيح الحرام ، ويبيح الفطر في الصوم .

والمنفعة كالذي يشتهي خبز البر ، ولحم الغنم والطعام الدسم والزينة كالمشتهي الحلوى والسكر ، والمفضول التوسع بأكل الحرام والشبهة ( 12 ) قوله : على رواية النجاسة .

روى الحسن عن الإمام أن الماء المستعمل نجس [ ص: 278 ] نجاسة مغلظة .

وقال أبو يوسف مخففة .

وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله أيضا .

وجه التنجس أنه ماء أزيل به مانع الصلاة فصار كما لو أزيل به النجاسة الحقيقية .

وكل من الروايتين ضعيف والصحيح أنه طاهر غير طهور وعليه الفتوى

التالي السابق


الخدمات العلمية