الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
تنبيه : هل يعتبر في بناء الأحكام العرف العام أو مطلق العرف ولو كان خاصا ؟ المذهب الأول : قال في البزازية معزيا إلى الإمام البخاري الذي ختم به الفقه : 43 - الحكم العام لا يثبت بالعرف الخاص وقيل : يثبت ( انتهى ) .

44 - ويتفرع على ذلك لو استقرض ألفا واستأجر المقرض لحفظ مرآة أو ملعقة كل شهر بعشرة 45 - وقيمتها لا تزيد على الأجر ففيها ثلاثة أقوال : صحة الإجارة بلا كراهة اعتبارا لعرف خواص بخارى .

46 - والصحة مع الكراهة للاختلاف ، والفساد ; لأن صحة الإجارة [ ص: 316 ] بالتعارف العام ولم يوجد ، وقد أفتى الأكابر بفسادها .

وفي القنية من باب استئجار المستقرض المقرض : التعارف الذي تثبت به الأحكام لا يثبت بتعارف أهل بلدة واحدة عند البعض .

وعند البعض 47 - إن كان يثبت ولكن أحدثه بعض أهل بخارى فلم يكن متعارفا مطلقا كيف ، وإن هذا الشيء لم يعرفه عامتهم بل تعارفه خواصهم فلا يثبت التعارف بهذا القدر ، قال رضي الله عنه : 48 - وهو الصواب ( انتهى ) .

وذكر فيها من كتاب الكراهية قبيل التحري ; لو تواضع أهل بلدة على زيادة في سنجاتهم التي توزن بها الدراهم والإبريسم على مخالفة سائر البلدان ليس لهم ذلك ( انتهى ) .

وفي إجارة البزازية في إجارة الأصل ; استأجره ; ليحمل طعامه بقفيز منه فالإجارة فاسدة ، ويجب أجر المثل لا يتجاوز به المسمى ، وكذا إذا دفع إلى حائك غزلا على أن ينسجه بالثلث .

ومشايخ بلخي وخوارزم أفتوا : يجوز إجارة الحائك للعرف ، وبه أفتى أبو علي النسفي أيضا ; [ ص: 317 ] الفتوى على جواب الكتاب لا الطحان 50 - ; لأنه منصوص عليه فيلزم إبطال النص ، ( انتهى ) .

وفيها من البيع الفاسد في الكلام على بيع الوفاء في القول السادس من أنه صحيح .

قالوا لحاجة الناس إليه فرارا من الربا فأهل بلخي اعتادوا الدين ، والإجارة وهي لا تصح في الكرم ، وأهل بخارى اعتادوا الإجارة الطويلة ولا يمكن في الأشجار فاضطروا إلى بيعها وفاء .

وما ضاق على الناس أمر إلا اتسع حكمه ( انتهى ) .

والحاصل أن المذهب عدم اعتبار العرف الخاص ، ولكن أفتى كثير من المشايخ باعتباره ;


( 43 ) قوله : الحكم العام لا يثبت بالعرف الخاص .

يفهم منه أن الحكم الخاص يثبت بالعرف الخاص .

وفيها ما تقدم في الكلام على المدارس الموقوفة على درس الحديث ولا يعلم مراد الواقف منها ، هل يدرس فيها علم الحديث الذي هو معرفة المصطلح أو يقرأ متن الحديث حيث قيل باتباع اصطلاح كل بلد ؟ .

( 44 ) قوله : ويتفرع على ذلك لو استقرض ألفا واستأجر المقرض إلخ : يعني لأجل حل المرابحة في القرض .

( 45 ) قوله : وقيمتها لا تزيد على الأجر .

يفهم منه أنه لو كانت قيمتها مقدار أجر الحفظ ، وزيادة أنه تصح الإجارة إن لم تكن مشروطة في القرض وبه صرح في القنية .

( 46 ) قوله : والصحة مع الكراهة إلخ : يعني صيانة للناس عن الوقوع في الربا المحض .

[ ص: 316 ] قوله : إن كان يثبت ، كذا في النسخ بلا واو ، والأولى الواو كما في نسخ القنية .

( 48 ) قوله : وهو الصواب ; لأن الإجارة بيع المعدوم ، وجوزت على منافاة الدليل للحاجة فإذا وردت على ما لا يحتاج المستأجر على استيفاء منافعه لا تجوز الإجارة ، والمستقرض إذا استأجر المقرض ; ليحفظ مرآة أو ملعقة غير محتاج إلى هذا العقد لحفظ العين ، وإنما استأجره ; ليتوسل به المقرض إلى المرابحة ، وإن كان على منافاة الدليل وانعدمت الحاجة المجوزة لم يجز ، بخلاف جواز بيع المقرض من المستقرض مما يساوي طسوجا بعشرة دنانير ، فإنه على وفاق الدليل ; لأنه بيع موجود مملوك له بالقاضي .

[ ص: 317 ] قوله : والفتوى على جواب الكتاب ، وهو عدم الجواز .

( 50 ) قوله : ; لأنه منصوص عليه : أي عدم الجواز منصوص عليه بالنهي عن قفيز الطحان وهو في معناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية