الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
الثاني : لو قال الموثق ، وحكم بموجبه حكما صحيحا مستوفيا شرائطه الشرعية . فهل يكتفي به ؟ 17 - فأجبت مرارا بأنه لا يكتفي به ، ولا بد من بيان تلك الحادثة والدعوى وكيفية الحكم كما في الملتقط من كتاب الشهادات .

18 - ولو كتب في السجل : ثبت عندي بما تثبت به الحوادث الحكمية أنه كذا .

لا يصح ما لم يبين الأمر على التفصيل ، ثم قال ، وحكى أنه لما استقصى قاضي عنبسة ببخارى كان يكتب [ ص: 331 ] الإمام الحلواني في محاضرهم لا ، فأوردوا عليه أجوبته في سجلات كتبت بتلك النسخة بعينها بنعم ; فقال : إنكم لا تفسرون الشهادة ، وقبلك القاضي علي السغدي وقبله شيخنا أبو علي النسفي ، وكان لا يخفى عليهما ; فأما أنت وأمثالك لا تثق بالوقوف على حقيقة ذلك فلا بد من التفسير .

وعن السيد الإمام أبي شجاع قال : كنا نتساهل في ذلك كمشايخنا حتى طالبتهم بتفسير الشهادة فلم يأتوا بها صحيحة فتحقق عندي أن الصواب هو الاستفسار ( انتهى ) .

وفي الخلاصة من كتاب المحاضر والسجلات : الأصل في المحاضر والسجلات أن يبالغ في الذكر والبيان بالصريح ، ولا يكتفى بالإجمال حتى قيل : لا يكتفى في المحاضر بأن يكتب حضر فلان وأحضر معه فلانا فادعى هذا الذي أحضره ، إلى أن قال ، وكذا لا يكتفى بذكر قوله فشهد كل واحد منهم بعد الاستشهاد ما لم يذكر عقيب دعوى المدعي هذا ، إلى أن قال : ويكتب في السجل حكم القاضي ، ولفظ الشهادة بتمامها .

ولا يكتفى بما يكتب ثبت عندي على الوجه الذي تثبت به الحوادث الحكمية إلى آخره ، وحكى فيها واقعة الحلواني مع قاضي عنبسة إلى أن قال : والمختار في هذا الباب 19 - أن يكتفى به في السجلات دون المحاضر ; لأن السجل يرد من [ ص: 332 ] مصر إلى آخر فلا يكون في التدارك حرج ( انتهى ) .


( 17 ) قوله : فأجبت مرارا بأنه لا يكتفى به : قيل عليه : المعروف عن كثير من مشايخنا أنه لا يكتفى به ; لتصريح علمائنا في مواضع شتى أن حكم الحاكم يحمل على السداد ما أمكن ، وأن قول الموثق حكم حكما صحيحا مستوفيا شرائطه ينتظم ما لا بد منه من صدور دعوى صحيحة من مدع على مدعى عليه ، وكتب المذهب ناطقة بذلك فراجع منها ما شئت تجده مطابقا لما ذكرنا ( انتهى ) .

ويؤيده ما في الفواكه البدرية : أن قضاء القاضي العدل لا يتعقب ويحمل حاله على السداد بخلاف غيره ( انتهى ) .

( 18 ) قوله : ولو كتب في السجل ، هو الذي يسمى في زماننا الحجة التي تكون في يد المدعي .

وقال في منح الغفار : : السجل الحجة التي فيها حكم القاضي ، لكن هذا في عرفهم ، وفي عرفنا : كتاب كبير يضبط فيه وقائع الناس ، وما يحكم به القاضي ، وما يكتب عليه ، ومما يدل على أنه الحجة قولهم : لأن السجل يرد من مصر إلى مصر ولا يرد من مصر إلى مصر إلا الحجة . [ ص: 331 ]

قوله : أن يكتفي به في السجلات دون المحاضر : يخالفه ما في الظهيرية من أنه لا بد من تفسير الشهادة فيهما كما نقله المصنف رحمه الله في البحر قبيل باب الشهادة على الشهادة .

التالي السابق


الخدمات العلمية