1. الرئيسية
  2. الإيمان لابن منده
  3. ذكر بيعة النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله
صفحة جزء
143 - أخبرنا أحمد بن سليمان بن أيوب ، ثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو بن صفوان ، (ح) ، وأنبأ أحمد بن محمد بن إبراهيم ، ثنا أحمد بن مهدي ، وعبد الكريم بن الهيثم ، قالوا : ثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ، أخبرني شعيب بن أبي حمزة ، عن [ ص: 289 ] الزهري ، أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، أن عبد الله بن عباس أخبره ، أن أبا سفيان بن حرب أخبره : أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش ، وكانوا تجارا بالشام في المدة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ماد فيها أبا سفيان ، وكفار قريش فأتوه ، وهو بإيليا ، فدعاهم في مجلسه ، وحوله عظماء الروم ثم دعاهم وترجمانه ، فقال : أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟ ، قال أبو سفيان : قلت : أنا أقرب إليه نسبا ، قال : أدنوه مني ، وقربوا أصحابه ، فاجعلوهم عند ظهره ، ثم قال لترجمانه : قل لهم : إني سائل هذا عن هذا الرجل فإن كذب فكذبوه ، قال أبو سفيان : فوالله لولا الحياء أن يأثروا علي كذبا لكذبته عنه ، قال : ثم كان أول ما سألني عنه أن قال : كيف نسبه فيكم ؟ ، قال : قلت : هو فينا ذو نسب ، قال : فهل قال هذا القول منكم أحد قبله قط ؟ ، قال : قلت : لا ، قال : فهل كان من آبائه من ملك ؟ ، قال : قلت : لا ، قال : فأشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم ؟ ، قلت : بل ضعفاؤهم ، قال : أيزيدون أم ينقصون ؟ ، قلت : بل يزيدون ، قال : فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه ؟ ، قال : قلت : لا ، قال : فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ ، قال : قلت : لا ، قال : فهل يغدر ؟ ، قلت : لا ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها ، قال : ولم يمكني كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه الكلمة ، قال : فهل قاتلتموه ؟ ، قلت : نعم ، قال : كيف كان قتالكم إياه ؟ ، قال : قلت : الحرب بيننا وبينه سجال ينال منا وننال منه ، قال : بماذا يأمركم ؟ ، قال : يقول : اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا واتركوا ما كان يقول آباؤكم ، ويأمرنا بالصلاة ، والصدقة ، والعفاف ، والصلة .

فقال لترجمانه : قل له : إني سألتك عن نسبه فذكرت أنه فيكم ذو نسب ، وكذلك الرسل تبعث في نسب قومها ، وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول ؟ ، فذكرت أن لا ، فقلت : لو كان أحد منكم قال هذا القول قبله ؟ ، قلت : رجل يأتم بقول قيل قبله ، وسألتك هل كان من آبائه من ملك ؟ ، فذكرت أن لا ، فقلت : لو كان من آبائه ملك قلت : رجل يطلب ملك أبيه ، وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ ، فذكرت أن لا فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ، ويكذب على الله ، وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم ؟ ، فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه ، وهم أتباع الرسل ، وسألتك أيزيدون أم ينقصون ؟ ، فذكرت أنهم يزيدون ، وكذلك أمر الإيمان حتى يتم ، وسألتك أيرتد أحد منهم [ ص: 290 ] سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه ، فذكرت أن لا ، وكذلك الإيمان حين يخالط بشاشته القلوب ، وسألتك هل يغدر ؟ ، فذكرت أن لا ، فكذلك الرسل لا تغدر ، وسألتك بم يأمركم ؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ، ولا تشركوا به شيئا ، وينهاكم عن عبادة الأوثان ، ويأمركم بالصلاة ، والصدقة ، والعفاف ، والصلة فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين ، وهو نبي قد كنت أعلم أنه خارج ، ولم أكن أظن أنه منكم ، ولو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه ، قال : ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى ، فدفعه إلى هرقل ، قال : فقرأه فإذا هو : " بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين ، و (
يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا " ) . الآية . قال أبو سفيان : فلما قال ما قال ، وفرغ من قراءة الكتاب كثر عنده الصخب ، وارتفعت الأصوات ، قال : وأخرجنا فقلت لأصحابي حين أخرجنا : لقد أمر أمر ابن أبي كبشة إنه يخافه ملك بني الأصفر ، قال : فما زلت موقنا أن سيظهر حتى أدخل الله علي الإسلام ، وكان ابن الناطور [ ص: 291 ] صاحب إيليا وهرقل سقفا على نصارى الشام يحدث أن هرقل حين قدم إيليا أصبح يوما خبيث النفس ، فقال له بعض بطارقته : لقد أنكرنا هيئتك ، فقال ابن الناطور : وكان هرقل رجلا حزاء ينظر في النجوم فقال لهم حين سألوه : إني رأيت الليلة حين نظرت في النجوم ملك الختان ، قد ظهر فمن يختتن من هذه الأمة ، فقالوا : ليس يختتن غير اليهود فلا يهمنك شأنهم ، واكتب إلى مدائن ملكك فليقتلوا من فيهم من اليهود ، فبينا هم على أمرهم ذلك ، أتى هرقل رجل أرسل إليه غسان يخبره عن خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما استخبره هرقل ، قال : اذهبوا فانظروا أمختتن هو أم لا ؟

فنظروا إليه فحدثوه أنه مختتن ، فسأله عن العرب أيختتنون ، فقال له : هم يختتنون ، فقال هرقل : هذا ملك هذه الأمة قد ظهر ، وكتب هرقل إلى صاحب له برومية ، وكان نظيره في العلم وسار هرقل إلى حمص ، فلم يرم حمص حتى أتاه كتاب من صاحبه يوافق هرقل على خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه نبي ، فأذن هرقل لعظماء الروم في دسكرة له بحمص ، ثم أمر بأبوابها فغلقت ، ثم اطلع فقال بينهم : يا معشر الروم ، هل لكم في الفلاح والرشد ، وأن يثبت [ ص: 292 ] ملككم فتتبعوا هذا الرجل ؟ ، فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب ، فوجدوها قد أغلقت فلما رأى هرقل نفرتهم ، وأيس من إيمانهم ، قال : ردوهم علي ، وقال : إني قلت مقالتي التي قلت أختبر بها شدتكم على دينكم ، فقد رأيت الذي أحب منكم فسجدوا له ، ورضوا عنه ، وكان ذلك آخر شأن هرقل .
ا ه .

هذا حديث مجمع على صحته رواه صالح ، ويونس ، ومعمر . ا ه .

قال الناسخ : (آخر الجزء الأول من أجزاء الشيخ وأول الثاني) .

[ ص: 293 ] [ ص: 294 ] أول الجزء الثاني

التالي السابق


الخدمات العلمية