صفحة جزء
156 - حدثنا حبيب بن الحسن قال : ثنا محمد بن يحيى المروزي قال : ثنا محمد بن أحمد بن أيوب قال : ثنا إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، عن بعض أهل العلم عن سعيد بن جبير وعكرمة ، عن ابن عباس أن عتبة ، وشيبة ، وأبا سفيان بن حرب ، والنضر بن الحارث ، وأبا البختري ، والأسود بن المطلب ، وزمعة بن الأسود ، والوليد بن المغيرة ، وأبا جهل بن هشام ، وعبد الله بن أمية ، وأمية بن خلف ، والعاص بن وائل ، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج ، اجتمعوا ومن اجتمع منهم بعد غروب الشمس على ظهر الكعبة ، فقال بعضهم لبعض : " ابعثوا إلى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه ، فبعثوا إليه : أن أشراف قومك قد اجتمعوا إليك ليكلموك ، قال : فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا ، وظن أن قد بدا لقومه في أمره بدو ، وكان عليهم حريصا ، يحب رشدهم ويعز عليه عنتهم . وذكر القصة .

فلما قام عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو جهل : يا معشر قريش ، إن محمدا قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا وشتم آبائنا وتسفيه أحلامنا وسب [ ص: 206 ] آلهتنا ، وإني أعاهد الله لأجلسن غدا بحجر ما أطيق حمله - أو كما قال - فإذا سجد في صلاته رضخت رأسه ، فأسلموني عند ذلك أو امنعوني ، فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم ، قالوا : والله لا نسلمك لشيء أبدا ، فامض لما تريد ، فلما أصبح أبو جهل أخذ حجرا كما قال ، وجلس لرسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظره ، وغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يغدو ، وكان إذا صلى ، صلى بين الركنين اليماني والأسود ، وجعل الكعبة بينه وبين الشام ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ، وقد قعدت قريش في أنديتهم ينتظرون ما أبو جهل فاعل ، فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم احتمل أبو جهل الحجر ثم أقبل نحوه ، حتى إذا دنا منه رجع منهزما منتقعا لونه مرعوبا ، قد يبست يداه على الحجر فقذف الحجر عن يده ، وقام إليه رجال قريش وقالوا له : ما لك يا أبا الحكم ؟ قال : قمت إليه لأفعل به ما قلت لكم البارحة ، فلما دنوت منه عرض دونه فحل من الإبل ، والله ما رأيت مثل هامته ولا قصرته ولا أنيابه لفحل قط ، فهم أن يأكلني .

فذكر لي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ذلك جبريل لو دنا منه لأخذه ، فلما قال ذلك أبو جهل قام النضر بن الحارث فقال : يا معشر قريش إنه والله قد نزل بكم أمر ما ابتليتم بمثله قط .


التالي السابق


الخدمات العلمية