صفحة جزء
الفصل الخامس عشر ذكر أخذ القرآن ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم بالقلوب حتى دخل كثير من العقلاء في الإسلام في أول الملاقاة إن الله عز وجل ، جلت عظمته ، أيد محمدا صلى الله عليه وسلم بما لم يؤيد به أحدا من العالمين ، وخصه من خصائصه بما يفوق حد كرامات الأنبياء ، ومراتب الأولياء ، فكانت علامات النبوة على حسب منزلته ، ومحله عند الله ، فليس من آية ولا علامة أبدع ولا أروع من آيات محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو القرآن المبين ، والذكر الحكيم ، والكتاب العزيز لم يجعل له عوجا قيما ، أنزله عليه في أوان وزمان فيه الخلق الكثير ، والجم الغفير ، أولو الأحلام والنهى ، والأفهام والألسن الحداد ، والقرائح الجياد ، والعقول السداد ، أولو الحنك والتجاريب ، والدهاء والمكر ، فلما سمعوا القرآن قدروا أن في وسعهم معارضته فقالوا : لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين .

فتحداهم صلى الله عليه وسلم بالقرآن يقرع به أسماعهم مع ما لهم من الفصاحة واللسان ، والبلاغة والبيان ، أن يأتوا بسورة يخترعونها بأهون سعي وأدنى [ ص: 230 ] كلفة وأنى لهم ذلك والله يقول : قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا مع دعائه صلى الله عليه وسلم إياهم أن يأتوا بسورة من مثله ، فلم يقدروا لأن كلام الله المنزل عليه هو كما أخبر الله عز وجل عنه : إنه لقول فصل وما هو بالهزل وقال : بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ .

التالي السابق


الخدمات العلمية