صفحة جزء
223 - حدثنا حبيب بن الحسن قال : ثنا محمد بن يحيى بن سليمان قال : ثنا [ ص: 298 ] أحمد بن محمد بن أيوب قال : ثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق قال : لما أراد الله عز وجل إظهار دينه ، وإعزاز نبيه صلى الله عليه وسلم ، وإنجاز موعده له خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموسم الذي لقي فيه النفر من الأنصار ، يعرض نفسه على قبائل العرب كلها ، كما كان يصنع في كل موسم ، فبينما هو عند العقبة ، لقي رهطا من الخزرج أراد الله تعالى بهم خيرا .

قال إبراهيم : عن محمد بن إسحاق ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن أشياخ من قومه قال : لما لقيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم : من أنتم ؟ قالوا : نحن الخزرج ، قال : أمن موالي اليهود ؟ قالوا : نعم ، قال : أفلا تجلسون حتى أكلمكم ؟ قالوا : بلى ، قال : فجلسوا معه ، فدعاهم إلى الله عز وجل ، وعرض عليهم الإسلام ، وتلا عليهم القرآن ، قال : وكان مما صنع الله تعالى لهم في الإسلام أن يهود كانوا معهم في بلادهم ، وكانوا أهل كتاب وعلم ، وكانوا هم أهل شرك أصحاب أوثان ، وكانت الأوس والخزرج قد غزوهم ببلادهم ، ، وكانوا إذا كان بينهم شيء قالوا لهم : إن نبيا مبعوث الآن ، قد أظل زمانه نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم ، قال : فلما كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك النفر ، ودعاهم إلى الله ، قال بعضهم لبعض : يا قوم تعلمون والله إنه للنبي الذي توعدكم به اليهود ، فلا تسبقنكم إليه ، فأجابوه فيما دعاهم إليه ، وصدقوه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام ، وقالوا له : إنا كنا قد تركنا قومنا ، ولا قوم بينهم من العداوة ، والشر ما بينهم ، وعسى الله أن يجمعهم بك فسنقدم عليهم فندعوهم إلى أمرك ، ونعرض عليهم [ ص: 299 ] الذي أجبناك إليه من هذا الدين ، فإن يجمعهم الله فلا رجل أعز منك ، ثم انصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعين إلى بلادهم وقد آمنوا وصدقوا ، وهم فيما ذكر لي ستة نفر من الخزرج ، منهم من بني النجار ، وهو : تيم الله ، ثم من بني مالك بن النجار أبو أمامة أسعد بن زرارة ، وعوف ومعاذ ابنا الحارث بن رفاعة ، ومن بني زريق بن عامر : رافع بن مالك بن العجلان ، ومن بني سلمة بن سعد ، ثم من بني سواد بن غنم : قطبة بن عامر بن حديدة ، ومن بني حرام بن كعب : عقبة بن عامر بن نابي ، ومن بني عبيد بن عدي جابر بن عبد الله بن رئاب بن النعمان .

فلما قدموا المدينة على قومهم ذكروا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودعوهم إلى الإسلام حتى فشا فيهم ، فلم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا كان في العام المقبل ، وافى الموسم من الأنصار اثنا عشر رجلا ، فلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة ، وهي العقبة الأولى ، فبايعوه على بيعة النساء ، وذلك قبل أن يفترض عليهم الحرب ، فلما انصرف عنه القوم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي ، فأمره أن يقرئهم القرآن ، ويعلمهم الإسلام ، ويفقههم في الدين ، وكان مصعب بن عمير يسمى بالمدينة " المقرئ " ، وكان منزله على أبي أمامة أسعد بن زرارة أخي بني النجار " .


التالي السابق


الخدمات العلمية