صفحة جزء
ذكر غزوة الرجيع :

437 - حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا عبد الرزاق عن [ ص: 506 ] معمر عن الزهري عن عمرو بن أبي سفيان الثقفي عن أبي هريرة قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية عينا وأمر عليهم عاصم بن ثابت وهو جد عاصم بن عمر بن الخطاب فانطلقوا ، حتى إذا كانوا ببعض الطريق بين عسفان ومكة نزلوا نزولا ، وذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان ، فتبعوهم بقريب من مائة رجل رام ، واقتفوا آثارهم حتى نزلوا منزلا نزلوه ، فوجدوا فيه نوى تمر زودوه من تمر المدينة ، فقالوا : هذا من تمر يثرب ، فاتبعوا أثرهم حتى لحقوهم ، فلما آنسهم عاصم بن ثابت وأصحابه لجأوا إلى فدفد ، وجاء القوم فأحاطوا بهم ، فقالوا : لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا أن لا نقتل منكم رجلا ، فقال عاصم : أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر ، اللهم أخبر عنا رسولك ، قال ، فقاتلوهم ، فرموهم حتى قتلوا عاصما في سبعة نفر ، وبقي خبيب بن عدي ، وزيد بن الدثنة ، ورجل آخر فأعطوهم العهد والميثاق إن نزلوا إليهم ، فنزلوا إليهم ، قال ، فلما استمكنوا منهم خلعوا أوتار قسيهم فربطوهم بها ، فقال ، الرجل الثالث الذي معهما هذا أول الغدر ، فأبى أن يصحبهم ، فجروه ، فأبى أن يتبعهم فضربوا عنقه ، فانطلقوا بخبيب بن عدي وزيد بن الدثنة حتى باعوهما بمكة ، فاشترى خبيبا بنو الحارث بن عامر بن نوفل ، وكان قتل خبيب الحارث يوم بدر ، فمكث عندهم أسيرا حتى إذا اجتمعوا على قتله استعار موسى من إحدى بنات الحارث ليستحد بها ، فأعارته ، قالت ، فغفلت [ ص: 507 ] عن صبي لي ، فدرج إليه حتى أتاه ، قالت ، فأخذه ، فوضعه على فخذه ، فلما رأيته فزعت فزعا شديدا عرف في ، والموسى في يده ، فقال : أتخشين أن أقتله ، ما كنت لأفعل إن شاء الله ، قال ، فكانت تقول : ما رأيت أسيرا خيرا من خبيب ، لقد رأيته يأكل قطفا من عنب وما بمكة يومئذ ثمرة ، وإنه لموثق في الحديد ، وما كان إلا رزقا قد رزقه الله إياه ، ثم خرجوا به من الحرم ليقتلوه ، فقال : دعوني أصلي ركعتين ، فصلى ركعتين وقال : لولا أن تروا أن ما بي جزع من الموت لزدت ، فكان أول من سن الركعتين عند القتل ، ثم قال : اللهم أحصهم عددا ، واقتلهم بددا ، ولا تبق منهم أحدا ، ثم قال :


ولست أبالي حين أقتل مسلما على أي شق كان في الله مصرعي     وذلك في ذات الإله وإن يشأ
يبارك على أوصال شلو ممزع



ثم قال ، فقام عقبة بن الحارث فقتله .

وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه ، وكان قتل عظيما من عظمائهم يوم بدر ، فبعث الله عز وجل عليه مثل الظلة من الدبر ، فحمته من رسلهم فلم يقدروا على شيء منه .


التالي السابق


الخدمات العلمية