صفحة جزء
94 - وحدثنا سليمان بن أحمد ، قال : ثنا علي بن عبد العزيز ، ثنا محمد بن سعيد الأصبهاني ، ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، وثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، قال : ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، قال : ثنا مسروق بن المرزبان ، ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، قالا : ثنا محمد بن إسحاق ، عن جهم بن أبي الجهم ، عن عبد الله بن جعفر ، عن حليمة بنت الحارث السعدية ، أم رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أرضعته ، قالت : " أصابتنا سنة شهباء ، لم تبق لنا شيئا ، فخرجت في نسوة من بني سعد بن بكر نلتمس الرضعاء بمكة على أتان لي قمراء ، فلم يبق منا امرأة إلا عرض عليها النبي صلى الله عليه وسلم فتأباه ، وعرض علي فأبيته ، وذلك أن الظؤورة إنما كانوا يرجون الخير من قبل الآباء ، ويقولون : لا أب له ، وما [ ص: 156 ] عسى أن تفعل أمه ؟ فلم تبق منهن امرأة إلا أخذت رضيعا غيري ، وحان انصرافهن إلى بلادهن ، فقلت لزوجي : لو أخذت ذلك الغلام اليتيم لكان أمثل من أن أرجع بغير رضيع ، فأتيت أمه فأخذته ، فجئت إلى منزلي ، وكان لي ابن صغير ، والله لا ينام من الجوع ، فلما ألقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثديي أقبلا عليه بما شاء الله من اللبن حتى روي وروي أخوه وناما ، فقام زوجي إلى شارف لنا ، والله ما أن تبض بقطرة ، فلما وقعت يده على ضرعها ، فإذا هي حافل ، فحلب ثم أتاني ، فقال : والله يا بنت أبي ذؤيب ما أظن هذه النسمة الذي أخذناها إلا مباركة ، فأخبرني بخبر الشارف ، وأخبرته بخبر ثديي ، وما رأيت منهما ، ثم أصبحنا فغدونا ، فكنت على أتان قمراء ، والله ما أن تلحق الحمر ضعفا ، فلما أن وضعت عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلت تتقدم الركب ، فيقولون : والله إن لأتانك هذي لشأنا . قالت : فقدمنا بلادنا ، بلاد سعد بن بكر لا نعرف من الله إلا البركة ، حتى إن كان راعينا لينصرف بأغنامنا حفلا ، وتأتي أغنام قومنا ما أن تبض بقطرة ، فيقولون لرعيانهم : ويحكم ، ارعوا حيث يرعى راعي بنت أبي ذؤيب . فلم نزل كذلك ، فبينما هما يوما يلعبان في بهم لنا وراء بيوتنا إذ جاء أخوه يسعى ، فقال : ذلك القرشي قد قتل . فأقبلت وأبوه فاستقبلنا ، وهو منتقع اللون ، فجعلت أضمه إلي مرة ، وأبوه مرة ، ونقول : ما شأنك ؟ فيقول : لا أدري إلا أنه أتاني رجلان ، فشقا بطني ، فساطاه ، فقال أبوه : ما أظن هذا الغلام إلا قد أصيب ، فبادري به أهله من قبل أن يتفاقم به الأمر عندنا ، [ ص: 157 ] فلم يكن له هم إلا أن أتيت مكة ، فأتيت به أمه ، فقلت : أنا ظئر ابني هذا ، قد فصلته ، وخشيت أن تقع عليه العاهة فاقبليه ، فقالت : ما لك زاهدة فيه ؟ وقد كنت قبل اليوم تسألينني أن أتركه عندك ؟ لعلك خفت على ابني الشيطان . لا تخافي هذا ، فإن ابني هذا معصوم من الشيطان ، - أو كلام هذا معناه - ، ألا أخبرك عني وعنه إني رأيت حين ولدته بأنه خرج مني نور أضاءت لي به قصور بصرى من أرض الشام - لفظ زياد البكائي - " .

التالي السابق


الخدمات العلمية