صفحة جزء
776 - وروينا عن أبي سلمة ، عن عائشة في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بنات لعائشة لعب ، فقال : [ ص: 255 ] " ما هذا ؟ " فقالت : بناتي قال : " فما هذا الذي أرى في وسطهن ؟ " قالت : فرس قال : " ما هذا الذي عليه ؟ " قالت : جناحان قال : " فرس له جناحان " قالت : وما سمعت أن لسليمان بن داود خيلا لها أجنحة . قالت : فضحك حتى بدت نواجذه .

أخبرنا أبو زكريا بن إسحاق ، أنبأ أبو الحسن الطرائفي ، ثنا عثمان بن سعيد الدارمي ، ثنا سعيد بن أبي مريم ، أنبأ يحيى بن أيوب قال : حدثني عمارة بن غزية أن محمد بن إبراهيم التميمي حدثه ، عن أبي سلمة ، عن عائشة ، فذكره في حديث قدوم النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك .

قال الشيخ أحمد رحمه الله : وهذا كله محمول عند بعض أهل العلم على أنه كان وقت صبائها . قال أبو عبيد : وليس وجه ذلك عندنا إلا من أجل أنها لهو الصبيان ، ولو كان لكبار لكان مكروها .

قال الشيخ أحمد رحمه الله : حمل الحديث الأول على ذلك ممكن ، فأما الثاني ففيه أن ذلك كان بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك ، والظاهر أنها كانت بالغة في ذلك الوقت ، فكانت ابنة ثماني عشرة حين مات النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان من وقت قدومه من غزوة تبوك إلى وفاته أقل من ثلاث سنين . ويحتمل أنه كان قيل بتحريم التصوير .

وذهب الحليمي إلى أنه إن عمل من خشب ، أو حجر ، أو صفر ، أو نحاس شبه آدمي تام الأطراف كالوثن وجب كسره . فأما إذا كانت الواحدة منهن تأخذ خرقة فتلفها ثم تشكلها بأشكال الصبايا وتسميها بنتا أو أما وتلعب بها فلا تمنع منه ، والله أعلم .

قال رحمه الله : وفي الحديث الذي ذكرناه عن عائشة أن الفرس الذي رآه كان له جناحان من رقع .

وأما الغناء من غير عود :

فقد قال الشافعي رحمه الله في الرجل يتخذه صناعة : لم تجز شهادته . وذلك لأنه من اللهو المكروه الذي يشبه الباطل ، ومن صنعه كان منسوبا إلى السفه ، وسقاطة المروءة وإن لم يكن محرما بين التحريم .

وإن كان لا ينسب نفسه إلى الغناء ولا يؤتي لذلك ولا يأتي عليه ، وإنما يعرف بأنه يطرب في الحال فيترنم فيها ، لم يسقط هذا شهادته .

[ ص: 256 ] وهذا لما رويناه عن عائشة في دخول أبي بكر عليها وعندها جاريتان تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث ، وليستا بمغنيتين ، فقال أبو بكر : أمزمور الشيطان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا أبا بكر ، لكل قوم عيد ، وهذا عيدنا " .

وروينا عن جماعة من الصحابة الترنم بالشعر ، وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم نشيد الأعراب ، والحداء .

التالي السابق


الخدمات العلمية