صفحة جزء
209 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني ، ثنا علي بن محمد بن عيسى ، ثنا أبو اليمان ، أخبرني شعيب ، عن الزهري، أخبرني سالم بن عبد الله ، أن عبد الله بن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنما الناس كالإبل المائة ، لا تكاد تجد فيها [ ص: 119 ] راحلة " . رواه البخاري عن أبي اليمان .

قال الأزهري حكاية عن القتيبي : إن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بهذا أن الناس متساوون في النسب ليس لأحد منهم فضل ولكنهم أشباه كإبل مائة ، ليس فيها راحلة ، قال الأزهري : والذي عندي فيه أن الله تعالى ذم الدنيا وحذر العباد سوء مغبتها وصنع لهم فيها الأمثال ليعتبروا كقوله ( إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه ) وما أشبهها من الآي ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحذرهم ما حذرهم الله ويزهدهم فيها فقال : " تجدون الناس بعدي كإبل مائة ليس فيها راحلة " . أراد أن الكامل في الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة قليل . وذكر أبو سليمان الخطابي المعنيين فقال : هذا يتأول على وجهين :

أحدهما أن الناس في أحكام الدين سواء ، لا فضل فيها لشريف على مشروف ولا رفيع منهم على وضيع كالإبل المائة لا يكون فيها راحلة وهي الذلول التي ترحل وتركب .

والوجه الآخر أن أكثر الناس أهل نقص وجهل يقول : ولا تستكثر من صحبتهم ولا تؤاخ منهم إلا أهل الفضل وعددهم قليل بمنزلة الراحلة في الإبل الحمولة . ودليل ذلك قول الله عز وجل : ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) وقوله : ( ولكن أكثرهم يجهلون ) وترجمة المتقدمين لهذا الحديث بباب ذم الناس وعزلهم ، يدل على . [ ص: 120 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية