صفحة جزء
6 - باب مواقيت الصلوات الخمس

قال الله عز وجل إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا .

263 - قال الشافعي رحمه الله : والموقوت والله أعلم : الوقت الذي تصلى فيه [ ص: 115 ] وعددها .

264 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، ومحمد بن موسى ، قالا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أسيد بن عاصم ، حدثنا الحسين بن حفص ، عن سفيان ، حدثنا عبد الرحمن بن عياش بن أبي ربيعة ، حدثني حكيم بن حكيم بن عباد بن سهل بن حنيف ، عن نافع بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمني جبريل عليه السلام عند [باب ] البيت مرتين ، فصلى بي الظهر حين زالت الشمس فكانت بقدر الشراك ، ثم صلى بي العصر حين كان ظل كل شيء مثله ، ثم صلى بي المغرب حين أفطر الصائم ، ثم صلى بي العشاء حين غاب الشفق ، ثم صلى بي الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم ، ثم صلى بي الغد الظهر حين كان ظل كل شيء مثله ، ثم صلى بي العصر حين كان ظل كل شيء مثليه ، ثم صلى بي المغرب حين أفطر الصائم ، ثم صلى بي العشاء إلى ثلث الليل الأول ، ثم صلى بي الفجر حين أسفر ، ثم التفت إلي فقال : يا محمد ! إن هذا وقت الأنبياء من قبلك ، والوقت فيما بين هذين الوقتين " .

265 - قلت : وقوله في العصر : " صلى بي حين كان ظل كل شيء مثله " يعني حين تم ظل كل شيء مثله . وقوله : في الظهر : " من الغد صلى بي حين كان ظل كل شيء مثله " يعني فرغ من الظهر حين كان ظل كل شيء مثله ، إلا أنه أراد تبيين أول الوقت وآخره . وإنما يحصل التبيين بذلك لأن الصلاة تطول وتقصر ، وصلاته في اليوم الثاني الصبح [ ص: 116 ] والعصر وقعت في آخر وقت الاختيار ، ويبقى وقت الجواز للصبح إلى طلوع الشمس والعصر إلى غروب الشمس . واحتج الشافعي رضي الله عنه في ذلك بما روي :

266 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق في آخرين ، قالوا : حدثنا أبو العباس الأصم ، أخبرنا الربيع بن سليمان ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا مالك .

267 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق ، قالا : حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس ، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي ، أخبرنا القعنبي فيما قرئ على مالك ، قال : وحدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار وعن بسر بن سعيد وعن الأعرج يحدثونه عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر " .

268 - ورواه عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن زيد بن أسلم وقال في الحديث : " من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس وركعة بعد ما تطلع الشمس فقد أدرك " . وكذلك قال في العصر .

269 - وأخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الفقيه الزيادي ، أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ، حدثنا أحمد بن يوسف السلمي ، حدثنا عمر بن عبد الله بن رزين ، حدثنا إبراهيم بن طهمان ، عن الحجاج بن الحجاج ، عن قتادة ، عن أبي أيوب ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت الصلاة فقال : " صلاة الفجر ما لم يطلع قرن الشمس ، ووقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس بطن السماء ما لم تحضر العصر ، ووقت العصر ما لم تصفر [ ص: 117 ] الشمس ويسقط قرنها الأول ، ووقت صلاة المغرب إذا غابت الشمس ما لم يسقط الشفق ، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل " .

270 - ورواه شعبة وغيره عن قتادة ، وقال في الحديث : " وقت الصبح إذا طلع الفجر ما لم يطلع قرن الشمس " ، وقال في المغرب : " ما لم يغب نور الشفق " .

270 - وفي حديث عبد الله بن عمرو بيان صحة ما ذكرنا في حديث ابن عباس . وفيه " زيادة رخصة في بقاء وقت المغرب إلى سقوط الشفق ، والشفق الذي يدخل بغيبوبة وقت العشاء الآخرة وهي الحمرة " . قاله جماعة من الصحابة منهم عمر ، وعلي ، وابن عباس ، وعبادة ، وأبو هريرة ، وشداد بن أوس .

270 - وفي حديث عبد الله بن عمرو " زيادة رخصة في بقاء وقت العشاء إلى نصف الليل " . ، وهو أيضا في حديث أنس بن مالك وغيره .

271 - وروينا عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال : " وإذا طهرت الحائض قبل أن تغرب الشمس صلت الظهر والعصر جميعا ، وإذا طهرت قبل الفجر صلت المغرب والعشاء جميعا " .

272 - وروينا معناه أيضا عن عبد الله بن عباس وعن الفقهاء السبعة من أهل المدينة . وقد جعل الشافعي - رحمه الله - في معناها المغمى عليه يفيق والمجنون يفيق والنصراني يسلم والصبي يحتلم ، وذكر أيضا إدراك الصبح بإدراك قدر ركعة قبل طلوع الشمس ، وفي موضع آخر بإدراك تكبيرة ، وذكر القولين أيضا في آخر وقت العصر ، ووقت العشاء . وفيه من قول الصحابة دلالة على تفاوت وقت الجواز لصلاة العشاء إلى طلوع الفجر . والله أعلم .

* * *

[ ص: 118 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية