صفحة جزء
11 - باب القسامة

3099 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وآخرين قالوا : أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع بن سليمان ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا مالك بن أنس ، عن أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل ، عن سهل بن أبي حثمة ؛ أنه أخبره رجال من كبراء قومه : أن عبد الله بن سهل ، ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهم ، فأتى محيصة . فأخبر : أن عبد الله بن سهل قد قتل وطرح في فقير بئر [ ص: 255 ] أو عين . فأتى يهود . فقال : أنتم والله قتلتموه . فقالوا : والله ما قتلناه . فأقبل حتى قدم على قومه . فذكر لهم ذلك . ثم أقبل هو وأخوه حويصة ، وهو أكبر منه ، وعبد الرحمن فذهب محيصة ليتكلم ، وهو الذي كان بخيبر . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كبر كبر " يريد السن . فتكلم حويصة ، ثم تكلم محيصة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب " . فكتب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك . فكتبوا إنا والله ما قتلناه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحويصة ، ومحيصة ، وعبد الرحمن : " أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم ؟ " فقالوا : لا . وقال : " أفتحلف لكم يهود ؟ " قالوا : ليسوا بمسلمين . فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده فبعث إليهم بمائة ناقة حتى أدخلت عليهم الدار . قال سهل : لقد ركضتني منها ناقة حمراء .

وهكذا رواه عبد الله بن وهب ، ومعن بن عيسى ، وعبد الله بن يوسف ، عن مالك .

ورواه بشير بن عمر ، عن مالك ، عن ابن ليلى ، عن سهل أنه أخبره عن رجل من كبراء قومه ، ورواه ابن بكير ، عن مالك ، فقال : عن رجال من كبراء قومه ، والرواية الأولى أصح .

3100 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار ، أخبرنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ، أخبرنا سليمان بن حرب ، أخبرنا [ ص: 256 ] حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد ، عن بشير بن يسار مولى الأنصار ، عن سهل بن أبي حثمة ، ورافع بن خديج أنهما حدثاه ، أو حدث أن عبد الله بن سهل ، ومحيصة بن مسعود آتيا خيبر في حاجة ، فتفرقا في النخل ، فقتل عبد الله بن سهل ، فجاء أخوه عبد الرحمن بن سهل ، وابناه : محيصة ، وحويصة ، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكرا أمر صاحبهما ، فبدأ عبد الرحمن ، فتكلم ، وكان أقرب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الكبر " - قال يحيى : الكلام للكبير - ، فتكلما في أمر صاحبهما ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " استحقوا صاحبكم " ، أو قال : " قتيلكم بأيمان خمسين منكم " قالوا : أمر لم نشهده قال : " فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم " قالوا : أقوام كفار ، قال : فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبله . قال سهل : فأدركت ناقة من تلك الإبل دخلت مربدهم ، فركضتني برجلها .

3101 - ورواه إسماعيل بن أبي أويس ، عن أبيه ، عن يحيى ، أن بشر بن يسار مولى بني حارثة الأنصاري أخبره ، وكان شيخا كبيرا فقيها ، وكان قد أدرك من أهل داره من بني حارثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رجالا منهم : رافع بن خديج ، وسهل بن أبي حثمة ، وسويد بن النعمان ؛ حدثوه أن القسامة كانت فيهم في بني حارثة بن الحارث في رجل من الأنصار يدعى عبد الله بن سهل قتل بخيبر ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم : " تحلفون خمسين يمينا ، فتستحقون قاتلكم ، أو قال : صاحبكم " ، قالوا : يا رسول الله ! ما شهدنا ، ولا حضرنا ، فزعم بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم : " فتبرئكم يهود بخمسين " . فذكره .

3102 - أخبرنا أبو الحسين بن الفضل ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، أخبرنا يعقوب بن سفيان ، أخبرنا ابن أبي أويس فذكره .

3102 - وبهذا المعنى في البداية بأيمان الأنصار رواه الليث بن سعد ، وبشر بن المفضل ، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، وسليمان بن بلال ، وهشيم بن بشير ، عن يحيى بن سعيد إلا أنهم لم يذكروا رابعا ، وسويدا ، إلا أن في رواية الليث بن سعد قال يحيى : وحسبته قال : وعن رافع ، وفي رواية الليث ، وبشر بن [ ص: 257 ] الفضل ، وغيرهما ، عن يحيى بن سعيد في هذا الحديث حين بدأ بالأنصاريين ، فقال : " تحلفون خمسين يمينا ، وتستحقون دم قاتلكم ، أو صاحبكم " ، فجعلوا العدد المذكور في الأيمان ، وأما ابن عيينة فقد قال الشافعي : كان ابن عيينة لا يثبت أقدم النبي صلى الله عليه وسلم الأنصاريين في الأيمان ، أو يهود ، فيقال في هذا الحديث : إنه قدم الأنصاريين ، فيقول : فهو ذاك ، أو ما أشبه هذا .

3102 - وروى سعيد بن عبيد الطائي ، عن بشير بن يسار ، عن سهل ، فخالف يحيى بن سعيد ، فقال في الحديث : فقال لهم : " تأتون على من قتل " قالوا : ما لنا بينة ، قال : " فيحلفون لكم " .

3102 - قال مسلم بن الحجاج : رواية سعيد غلط ، ويحيى بن سعيد أحفظ منه ، ولذلك لم يسق مسلم في كتابه رواية سعيد بن عبيد لمخالفته يحيى في متنه ، ويحتمل أنه أراد بالبينة أيمان المدعين مع اللوث ، أو طالبهم بالبينة كما في رواية سعيد ، فلما لم يكن عندهم عرض عليهم الأيمان كما في رواية يحيى بن سعيد ، وقد روى سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة أن سليمان بن يسار حدث في هذه القصة ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " شاهدان من غيركم حتى أدفعه إليكم برمته " فلم تكن لهم بينة ، فقال : " أتستحقون بخمسين قسامة " ثم ذكر الباقي .

3103 - وروينا في حديث يحيى بن القطان ، عن عبيد الله بن الحسن ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده في هذه القصة معنى هذا ، وذلك يؤكد رواية مسلم بن خالد الزنجي ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " البينة على من ادعى ، واليمين على من أنكر إلا في القسامة " .

3104 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو الوليد الفقيه ، أخبرنا إبراهيم بن أبي طالب ، أخبرنا بشر بن الحكم ، أخبرنا مسلم بن خالد ، فذكره .

وأما إنكار عبد الرحمن بن بجيد بن قيظي رواية سهل في البداية بأيمان المدعين [ ص: 258 ] وقول محمد بن إبراهيم التيمي : وايم الله ما كان سهل بأكثر علما منه ، ولكنه كان أسن ، فإنه غير مقبول منه لانقطاعه ، واتصال حديث سهل ، وكذلك حديث ابن شهاب لما فيه من الإرسال ، والاختلاف عليه في البداية .

3104 - وأما حديث الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في هذه القصة أنه أخذ منهم خمسين رجلا من خيارهم ، فاستحلفهم بالله ما قتلنا ، ولا علمنا قاتلا وجعل عليهم الدية ، فهو غير مقبول من الكلبي ، ولا عن أبي صالح لكونهما معروفين برواية المنكرات ، ومخالفتهما الثقات .

3104 - والذي روي عن الشعبي ، عن عمر بن الخطاب - رضي الله - عنه أنه كتب في قتيل وجد بين جنوان ووادعة أن يقاس ما بين القريتين فإلى أيهما كان أقرب أخرج إليه منهم خمسين رجلا حتى يوافوا مكة ، فأدخلهم الحجر ، فأحلفهم ، ثم قضى عليهم بالدية ، فقالوا : ما وفت أيماننا أموالنا ، ولا أموالنا أيماننا ؟ فقال عمر : كذلك الأمر .

وفي رواية أخرى : حقنتم بأيمانكم دماءكم ، ولا يطل دم مسلم ، فهذا منقطع ، ومختلف فيه على مجالد ، عن الشعبي ، فقيل : عنه عن الحارث ، عن عمر . وقيل : عنه ، عن مسروق ، عن عمر ، وقيل غيره ، ومجالد غير محتج به ، وإنما رواه الثقات عن الشعبي ( مرسلا ) .

[ ص: 259 ] وروي عن أبي إسحاق ، عن الحارث بن الأزمع ، عن عمر ، وأبو إسحاق لم يسمعه من الحارث ، وإنما سمعه من مجالد ، عن الشعبي ، عن الحارث ، واختلف فيه على مجالد ، ومجالد ضعيف ، وروي من حديث عمر بن صبيح بإسناد مرسل ، عن عمر بن الخطاب ، وعمر بن صبيح متروك .

3105 - قال الشافعي - رحمه الله - : والمتصل أولى أن يؤخذ به من المنقطع والأنصاريون أعلم بحديث صاحبهم من غيرهم .

وروي عن عمر أنه بدأ المدعى عليهم ، ثم رد الأيمان على المدعين .

3106 - وفي حكاية ابن عبد الحكم ، عن الشافعي أنه قال : سافرت إلى خيوان ووادعة كذا وكذا سفرة أسألهم عن حكم عمر بن الخطاب في القتيل ، وأحكي لهم ما روي عنه ، فقالوا : إن هذا الشيء ما كان ببلدنا قط .

3107 - قال الشافعي : والعرب أحفظ شيء لما يكون بين أظهرهم .

3108 - قال الشيخ : وحديث أبي إسرائيل ، عن عطية ، عن أبي سعيد أن قتيلا وجد بين حيين ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقاس إلى أيهما أقرب ، فألقى ديته عليهم ، حديث ضعيف ، أبو إسرائيل الملائي ، وعطية العوفي غير محتج بهما .

3109 - وأما القتل بالقسامة فأحج شيء فيه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث سهل " تحلفون ، وتستحقون دم صاحبكم " .

3110 - وفي رواية أبي إسحاق : " تسمون قاتلكم ، وتحلفون عليه خمسين يمينا ، فنسلمه إليكم " . [ ص: 260 ]

3111 - وروي عن عمرو بن شعيب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قتل بالقسامة رجلا من بني نصر بن مالك .

3112 - وعن أبي المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أقاد بالقسامة بالطائف ، وكلاهما منقطع . وروي عن ابن الزبير ، وعمر بن عبد العزيز ، وعبد الملك بن مروان .

3112 - ورواه خارجة بن زيد ، عن معاوية وغيره من الناس في زمن معاوية ، ثم روي عن عمر بن عبد العزيز أنه رجع عن ذلك ، وروي عن مكحول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقض في القسامة بقود .

3113 - وروي عن القاسم بن عبد الرحمن أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : القسامة توجب العقل ، ولا تشيط الدم ، وكلاهما منقطع .

3114 - وقال عن الحسن البصري : القتل بالقسامة جاهلية وأنكره أبو قلابة إنكارا شديدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية