صفحة جزء
28 - باب إظهار دين النبي صلى الله عليه وسلم على الأديان

3690 - أخبرنا محمد بن موسى بن الفضل ، أخبرنا أبو العباس الأصم ، أخبرنا الربيع بن سليمان ، أخبرنا الشافعي ، قال : قال الله جل ثناؤه هو الذي أرسل رسوله بالهدى ، ودين الحق ليظهره على الدين كله ، ولو كره المشركون .

قال الشافعي : أخبرنا ابن عيينة ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده ، والذي نفسي بيده لتنقضن كنوزهما في سبيل الله " .

3691 - قال الشافعي : ولما أتي كسرى بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم مزقه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يمزق ملكه " ، وحفظنا أن قيصر أكرم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ووضعه في مسك فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ثبت ملكه " .

[ ص: 416 ] قال الشافعي : ووعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فتح فارس ، والشام ، فأغزى أبو بكر الشام على ثقة من فتحها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففتح بعضها ، وتم فتحها زمان عمر وفتح عمر العراق ، وفارس .

3692 - قال الشافعي : فقد أظهر الله جل ثناؤه دينه الذي بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأديان بأن أبان لكل من سمعه أنه الحق ، وما خالف من الأديان باطل ، وأظهره بأن جماع الشرك دينان دين أهل الكتاب ، ودين الأميين ، فقهر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأميين حتى دانوا بالإسلام طوعا ، وكرها ، وقتل من أهل الكتاب ، وسبي حتى دان بعضهم بالإسلام ، وأعطى بعض الجزية صاغرين ، وجرى عليهم حكمه . صلى الله عليه وسلم ، وهذا ظهوره على الدين كله " .

3693 - قال الشافعي : وقد يقال ليظهرن الله دينه على الأديان حتى لا يدان الله إلا به ، وذلك متى شاء الله . قال : وكانت قريش تنتاب الشام انتيابا كثيرا ، وكان كثير من معاشها منها ، وتأتي العراق ، فيقال : لما دخلت في الإسلام ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم خوفها من انقطاع معاشها بالتجارة من الشام ، والعراق إذ فارقت الكفر ، ودخلت في الإسلام مع خلاف ملك الشام والعراق لأهل الإسلام ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده " ، فلم يكن بأرض العراق كسرى ثبت له أمر بعده ، وقال : " إذا هلك قيصر ، فلا قيصر بعده " ، فلم يكن بأرض الشام قيصر بعده ، وأجابهم على ما قالوا له ، وكان كما قال لهم صلى الله عليه وسلم وقطع الله الأكاسرة عن العراق ، وفارس ، وقيصر ومن قام بالأمر بعده عن الشام " .

3694 - قال الشافعي : وقال النبي صلى الله عليه وسلم في كسرى " مزق ملكه " فلم يبق للأكاسرة ملك ، وقال في قيصر . : " ثبت ملكه " فثبت له ملك ببلاد الروم إلى اليوم ، وتنحى ملكه عن الشام ، وكل هذا موثق يصدق بعضه بعضا ، والله أعلم .

تم بحمد الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية