صفحة جزء
(أنا ) أبو سعيد بن أبي عمرو ، نا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال : " قال الله - عز وجل - : ( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ) " .

" قال الشافعي : حرم الله (عز وجل ) الأم ، والأخت : من الرضاعة واحتمل تحريمهما معنيين " .

" (أحدهما ) - : إذ ذكر الله تحريم الأم ، والأخت من الرضاعة ، فأقامهما : في التحريم ، مقام الأم ، والأخت من النسب - : أن تكون الرضاعة كلها ، تقوم مقام النسب : فما حرم بالنسب حرم بالرضاعة مثله " .

" وبهذا ، نقول : بدلالة سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ، والقياس على القرآن " .

" (والآخر ) : أن يحرم من الرضاع الأم ، والأخت ، ولا يحرم سواهما " .

[ ص: 257 ] ثم ذكر دلالة السنة ، لما اختار : من المعنى الأول .

قال الشافعي (رحمه الله ) : " والرضاع اسم جامع ، يقع : على المصة ، وأكثر منها : إلى كمال إرضاع الحولين . ويقع : على كل رضاع : وإن كان بعد الحولين " .

" فاستدللنا : أن المراد بتحريم الرضاع : بعض المرضعين ، دون بعض . لا : من لزمه اسم : رضاع " .

وجعل نظير ذلك : آية السارق والسارقة ، وآية الزاني والزانية ، وذكر الحجة في وقوع التحريم بخمس رضعات .

[ ص: 258 ] واحتج في الحولين بقول الله (عز وجل ) : ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ) .

[ثم قال ] : " فجعل (عز وجل ) تمام الرضاعة : حولين [كاملين ] ، وقال : ( فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما ) يعني (والله أعلم ) : قبل الحولين " .

" فدل إرخاصه (جل ثناؤه ) - : في فصال المولود ، عن تراضي والديه وتشاورهما ، قبل الحولين . - : على أن ذلك إنما يكون : باجتماعهما على فصاله ، قبل الحولين " .

" وذلك لا يكون (والله أعلم ) إلا بالنظر للمولود من والديه : أن يكونا يريان : فصاله قبل الحولين ، خيرا من إتمام الرضاع له : لعلة [ ص: 259 ] تكون به ، أو بمرضعه - : وإنه لا يقبل رضاع غيرها . - ، وما أشبه هذا " .

" وما جعل الله (تعالى ) له ، غاية - [فالحكم ] بعد مضي الغاية ، فيه : غيره قبل مضيها . قال الله - عز وجل - : ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) ؛ فحكمهن - بعد مضي ثلاثة أقراء - : غير حكمهن فيها . وقال تعالى : ( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ) ، فكان لهم : أن يقصروا مسافرين ، وكان - في شرط القصر لهم : بحال موصوفة . - دليل : على أن حكمهم في غير تلك الصفة : غير القصر " .

* * *

[ ص: 260 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية