صفحة جزء
" مبتدأ التنزيل ، والفرض على النبي صلى الله عليه وسلم ؛ ثم على الناس "

(أنا ) أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي عمرو ؛ قالا : نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (رحمه الله ) : " لما بعث الله نبيه (صلى الله عليه وسلم ) : أنزل عليه فرائضه كما شاء : ( لا معقب لحكمه ) ؛ ثم : أتبع كل واحد منها ، فرضا بعد فرض : في حين غير حين الفرض قبله ".

" قال : ويقال (والله أعلم ) : إن أول ما أنزل الله عليه - من كتابه - : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) ".

[ ص: 8 ] " ثم أنزل عليه [ما ] لم يؤمر فيه : [بأن ] يدعو إليه المشركين . فمرت لذلك مدة ".

" ثم يقال : أتاه جبريل (عليه السلام ) عن الله (عز وجل ) : بأن يعلمهم نزول الوحي عليه ، ويدعوهم إلى الإيمان به . فكبر ذلك عليه ؛ وخاف : التكذيب ، وأن يتناول . فنزل عليه : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ) . فقال : يعصمك من قتلهم : أن يقتلوك ؛ حتى تبلغ ما أنزل إليك . فبلغ ما أمر به : فاستهزأ به قوم ؛ فنزل عليه : ( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين ) ".

[ ص: 9 ] " قال : وأعلمه : من علم منهم أنه لا يؤمن به ؛ فقال : ( وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا ) ؛ إلى قوله : ( هل كنت إلا بشرا رسولا ) ".

" قال الشافعي (رحمه الله ) : وأنزل إليه (عز وجل ) - فيما يثبته به : إذا ضاق من أذاهم - : ( ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) ".

" ففرض عليه : إبلاغهم ، وعبادته . ولم يفرض عليه قتالهم ؛ وأبان ذلك في غير آية : من كتابه ؛ ولم يأمره : بعزلتهم ؛ وأنزل عليه : ( قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ) وقوله : ( فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين ) ؛ وقوله : ( ما على [ ص: 10 ] الرسول إلا البلاغ ) ؛ مع أشياء ذكرت في القرآن - في غير موضع - : في [مثل ] هذا المعنى ".

" وأمرهم الله (عز وجل ) : بأن لا يسبوا أندادهم فقال : ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ) الآية ؛ مع ما يشبهها ".

" ثم أنزل (جل ثناؤه ) - بعد هذا - : في الحال الذي فرض فيها عزلة المشركين ؛ فقال : ( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ) ".

" وأبان لمن تبعه ، ما فرض عليهم : مما [فرض عليه ] ؛ قال : ( وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر [ ص: 11 ] بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم ) الآية ". .

التالي السابق


الخدمات العلمية