صفحة جزء
" فصل فيمن لا يجب عليه الجهاد "

وبهذا الإسناد ، قال الشافعي : " فلما فرض الله (عز وجل ) الجهاد - : دل في كتابه ، ثم على لسان نبيه (صلى الله عليه وسلم ) : أن ليس يفرض الجهاد على مملوك ، أو أنثى : بالغ ؛ ولا حر : لم يبلغ ".

" لقول الله عز وجل : ( انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ) فكان حكم أن لا مال للمملوك ؛ ولم يكن مجاهد إلا : وعليه في الجهاد ، مؤنة : من المال ؛ ولم يكن للمملوك مال ".

[ ص: 22 ] " وقال (تعالى ) لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( حرض المؤمنين على القتال ) ؛ فدل : على أنه أراد بذلك : الذكور ، دون الإناث . لأن الإناث : المؤمنات . وقال تعالى : ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة ) وقال : ( كتب عليكم القتال ) ؛ وكل هذا يدل : على أنه أراد [به ] : الذكور ، دون الإناث ".

" وقال عز وجل - : إذ أمر بالاستئذان . - : ( وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم ) ؛ فأعلم : أن فرض الاستئذان ، إنما هو : على البالغين . وقال تعالى : ( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ) ؛ فلم يجعل لرشدهم حكما : تصير به أموالهم إليهم ؛ إلا : بعد البلوغ . فدل : على أن الفرض في العمل ، إنما هو : على البالغين ".

[ ص: 23 ] " ودلت السنة ، ثم ما لم أعلم فيه مخالفا - : من أهل العلم . - : على مثل ما وصفت ". . وذكر حديث ابن عمر في ذلك .

* * *

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي (رحمه الله ) : " قال الله (جل ثناؤه ) في الجهاد : ( ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم ) ؛ إلى : ( وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون ) ؛ وقال عز وجل : ( ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ) ".

[ ص: 24 ] " قال الشافعي : وقيل : الأعرج : المقعد . والأغلب : أن العرج في الرجل الواحدة ".

" وقيل : نزلت [في ] أن لا حرج عليهم : أن لا يجاهدوا ".

" وهو : أشبه ما قالوا ، وغير محتملة غيره . وهم : داخلون في حد الضعفاء ، وغير خارجين : من فرض الحج ، ولا الصلاة ، ولا الصوم ، ولا الحدود . فلا يحتمل (والله أعلم ) : أن يكون أريد بهذه الآية ، إلا : وضع الحرج : في الجهاد ؛ دون غيره : من الفرائض ". .

وقال فيما بعد غزوه عن المغازي - وهو : ما كان على الليلتين [ ص: 25 ] فصاعدا . - : " إنه لا يلزم القوي السالم البدن كله : إذا لم يجد مركبا وسلاحا ونفقة ؛ ويدع لمن يلزمه نفقته ، قوته : إلى قدر ما يرى أنه يلبث في غزوه . وهو : ممن لا يجد ما ينفق . قال الله عز وجل : ( ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون ) ". .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية