صفحة جزء
(أنا ) أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال : " قال الله عز وجل : ( فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) ؛ [ ص: 51 ] وقال جل ثناؤه : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) ". .

قال في موضع آخر : " فقيل [فيه ] : (فتنة ) : شرك ؛ (ويكون الدين كله ) : واحدا (لله ) ". .

وذكر حديث أبي هريرة ، عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) : " لا أزال أقاتل الناس ، حتى يقولوا : لا إله إلا الله ". .

قال الشافعي : " وقال الله تعالى : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) ". .

وذكر حديث بريدة عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) : في الدعاء إلى [ ص: 52 ] الإسلام ؛ وقوله : " فإن [لم ] يجيبوا إلى الإسلام : فادعهم إلى أن يعطوا الجزية ؛ فإن فعلوا : فاقبل منهم ودعهم ؛ [وإن أبوا : فاستعن بالله وقاتلهم ] ". .

ثم قال : " وليست واحدة - : من الآيتين . - : ناسخة للأخرى ؛ ولا واحد - : من الحديثين . - : ناسخا للآخر ، ولا مخالفا له . ولكن إحدى الآيتين والحديثين : من الكلام الذي مخرجه عام : يراد به الخاص ؛ ومن الجمل التي يدل عليها المفسر ".

" فأمر الله (تعالى ) : بقتال المشركين حتى يؤمنوا (والله أعلم ) : أمره بقتال المشركين : من أهل الأوثان . وكذلك حديث أبي هريرة : [ ص: 53 ] [في المشركين من أهل الأوثان ] دون أهل الكتاب . وفرض الله : قتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون - : إن لم يؤمنوا . وكذلك حديث بريدة : [في أهل الأوثان خاصة ] "

" فالفرض فيمن دان وآباؤه دين أهل الأوثان - : من المشركين . - : أن يقاتلوا : إذ قدر عليهم ؛ حتى يسلموا . ولا يحل : أن يقبل منهم جزية ؛ [بكتاب الله ، وسنة نبيه ] ".

والفرض في أهل الكتاب ، ومن دان قبل نزول القرآن [كله ] دينهم - : أن يقاتلوا حتى يعطوا الجزية ، أو يسلموا . وسواء كانوا عربا ، أو عجما ". .

[ ص: 54 ] قال الشافعي : " ولله (عز وجل ) كتب : نزلت قبل نزول القرآن [المعروف ] منها - عند العامة - : التوراة والإنجيل . وقد أخبر الله (عز وجل ) : أنه أنزل غيرهما ؛ فقال : ( أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى ) . وليس يعرف تلاوة كتاب إبراهيم . وذكر زبور داود ؛ فقال : ( وإنه لفي زبر الأولين ) ".

" قال : والمجوس : أهل كتاب : غير التوراة والإنجيل ؛ وقد نسوا كتابهم وبدلوه . وأذن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : في أخذ الجزية منهم ". .

[ ص: 55 ] قال الشافعي : " ودان قوم - : من العرب . - دين أهل الكتاب ، قبل نزول القرآن : فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) من بعضهم ، الجزية " ؛ وسمى منهم - [في موضع ] آخر - : " أكيدر دومة ؛ وهو رجل يقال : من غسان أو كندة ". .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية