صفحة جزء
(أنا ) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : " قال الله تبارك وتعالى : ( حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) ؛ فلم يأذن الله (عز وجل ) : في أن تؤخذ الجزية ممن أمر بأخذها منه ، حتى يعطيها عن يد : صاغرا ".

[ ص: 60 ] " قال : وسمعت رجالا - : من أهل العلم . - يقولون : الصغار : أن يجري عليهم حكم الإسلام . وما أشبه ما قالوا ، بما قالوا - : لامتناعهم من الإسلام ؛ فإذا جرى عليهم حكمه : فقد أصغروا بما يجري عليهم منه ". .

قال الشافعي : " وكان بينا في الآية (والله أعلم ) : أن الذين فرض قتالهم حتى يعطوا الجزية - : الذين قامت عليهم الحجة بالبلوغ : فتركوا دين الله (عز وجل ) ، وأقاموا على ما وجدوا عليه آباءهم : من أهل الكتاب ".

" وكان بينا : أن الله (عز وجل ) أمر بقتالهم عليها : الذين فيهم القتال ؛ وهم : الرجال البالغون . ثم أبان رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) مثل معنى كتاب الله (عز وجل ) : فأخذ الجزية من المحتلمين ، دون [ ص: 61 ] من دونهم ، ودون النساء ". . وبسط الكلام فيه .

* * *

وبهذا الإسناد ، قال الشافعي : " قال الله تبارك وتعالى : ( إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ) الآية ؛ فسمعت بعض أهل العلم ، يقول : المسجد الحرام : الحرم .

وسمعت عددا - : من أهل المغازي . - يروون : أنه كان في رسالة النبي (صلى الله عليه وسلم ) : لا يجتمع مسلم ومشرك ، في الحرم ، بعد عامهم هذا ". .

* * *

[ ص: 62 ] وبهذا الإسناد ، قال الشافعي : " فرض الله (عز وجل ) : قتال غير أهل الكتاب حتى يسلموا ، وأهل الكتاب حتى يعطوا الجزية وقال : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) . فبذا فرض على المسلمين ما أطاقوه ؛ فإذا عجزوا عنه : فإنما كلفوا منه ما أطاقوه ؛ فلا بأس : أن يكفوا عن قتال الفريقين : من المشركين ؛ وأن يهادنوهم ". .

ثم ساق الكلام ، إلى أن قال : " فهادنهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) (يعني : أهل مكة ، بالحديبية . ) فكانت الهدنة بينه وبينهم عشر سنين ؛ ونزل عليه - في سفره - في أمرهم : ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ) . قال الشافعي : قال [ ص: 63 ] ابن شهاب : فما كان في الإسلام فتح أعظم منه ". . وذكر : دخول الناس في الإسلام : حين أمنوا .

وذكر الشافعي - في مهادنة من يقوى على قتاله - : أنه " ليس له مهادنتهم على النظر : على غير جزية ؛ أكثر من أربعة أشهر . لقوله عز وجل : ( براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ) الآية وما بعدها ". .

قال الشافعي : " لما قوي أهل الإسلام : أنزل الله (تعالى ) على النبي (صلى الله عليه وسلم ) مرجعه من تبوك : ( براءة من الله ورسوله ) ". .

ثم ساق الكلام . إلى أن قال : " فقيل : كان الذين عاهدوا النبي [ ص: 64 ] (صلى الله عليه وسلم ) : قوما موادعين ، إلى غير مدة معلومة . فجعلها الله (عز وجل ) : أربعة أشهر ؛ ثم جعلها رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) كذلك . وأمر الله نبيه (صلى الله عليه وسلم ) في قوم - : عاهدهم إلى مدة ، قبل نزول الآية . - : أن يتم إليهم عهدهم ، إلى مدتهم : ما استقاموا له ؛ ومن خاف منه خيانة - : منهم - نبذ إليه . فلم يجز : أن يستأنف مدة ، بعد نزول الآية - : وبالمسلمين قوة . - إلى أكثر من أربعة أشهر ".

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية