صفحة جزء
(أنا ) أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي . " قال الله جل ثناؤه : ( وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما ) ".

" قال الشافعي : قال الحسن بن أبي الحسن : لولا هذه الآية ، لرأيت : أن الحكام قد هلكوا ؛ ولكن الله (تعالى ) : حمد هذا : بصوابه ؛ وأثنى على هذا : باجتهاده ". .

[ ص: 123 ] وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي : " قال الله جل ثناؤه : ( أيحسب الإنسان أن يترك سدى ) ؛ فلم يختلف أهل العلم بالقرآن - فيما علمت - : أن (السدى ) هو : الذي لا يؤمر ، ولا ينهى " .

* * *

ومما أنبأني أبو عبد الله الحافظ (إجازة ) : أن أبا العباس حدثهم : أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : " قال الله جل ثناؤه : ( وأشهدوا إذا تبايعتم ) ".

" فاحتمل أمر الله : بالإشهاد عند البيع ؛ أمرين : (أحدهما ) : أن [ ص: 124 ] يكون دلالة : على ما فيه الحظ بالشهادة ؛ ومباح تركها . لا : حتما ؛ يكون من تركه عاصيا : بتركه . (واحتمل ) : أن يكون حتما منه ؛ يعصي من تركه : بتركه ".

" والذي أختار : أن لا يدع المتبايعان الإشهاد ؛ وذلك : أنهما إذا أشهدا : لم يبق في أنفسهما شيء ؛ لأن ذلك : إن كان حتما : فقد أدياه ؛ وإن كان دلالة : فقد أخذا بالحظ فيها ".

" قال : وكل ما ندب الله (عز وجل ) إليه - : من فرض ، أو دلالة . - : فهو بركة على من فعله . ألا ترى : أن الإشهاد في البيع ، إذا كان دلالة : كان فيه : [أن ] المتبايعين ، أو أحدهما : إن أراد ظلما : قامت البينة عليه ؛ فيمنع من الظلم الذي يأثم به . وإن كان تاركا : لا يمنع منه . ولو [ ص: 125 ] نسي ، أو وهم - : فجحد . - : منع من المأثم على ذلك : بالبينة ؛ وكذلك : ورثتهما بعدهما . ؟ ! ".

" أو لا ترى : أنهما ، أو أحدهما : لو وكل وكيلا : [أن ] يبيع ؛ فباع هو رجلا ، وباع وكيله آخر - : ولم يعرف : أي البيعين أول ؟ - : لم يعط الأول : من المشتريين ؛ بقول البائع . ولو كانت بينة ، فأثبتت : أيهما أول ؟ - : أعطي الأول . ؟ ! ".

" فالشهادة : سبب قطع المظالم ، وتثبيت الحقوق . وكل أمر الله (جل ثناؤه ) ، ثم أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : الخير الذي لا يعتاض منه من تركه ".

" قال الشافعي : والذي يشبه - والله أعلم وإياه أسأل [ ص: 126 ] التوفيق - : أن يكون أمره : بالإشهاد في البيع ؛ دلالة لا : حتما له . قال الله عز وجل : ( وأحل الله البيع وحرم الربا ) ؛ فذكر : أن البيع حلال ؛ ولم يذكر معه بينة ".

" وقال في آية الدين : ( إذا تداينتم بدين ) ؛ والدين : تبايع ؛ وقد أمر الله فيه : بالإشهاد ؛ فبين المعنى : الذي أمر له : به . فدل ما بين الله في الدين ، على أن الله أمر به : على النظر والاختيار ؛ لا : على الحتم . قال الله تبارك وتعالى : ( إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ) ؛ ثم قال في سياق الآية : ( وإن [ ص: 127 ] كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته ) ؛ فلما أمر - : إذا لم يجدوا كاتبا . - : بالرهن ؛ ثم أباح : ترك الرهن ؛ وقال : ( فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي ) - : فدل : على [أن ] الأمر الأول : دلالة على الحظ لا : فرض منه ، يعصي من تركه ؛ والله أعلم ". .

ثم استدل عليه : بالخبر ؛ وهو مذكور في موضع آخر .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية