صفحة جزء
وفيما أنبأني أبو عبد الله (إجازة ) : أن أبا العباس حدثهم ، قال : أنا الربيع ، [ ص: 130 ] قال : قال الشافعي : " قال الله تبارك وتعالى : ( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم ) ".

" فسمى الله في الشهادة : في الفاحشة - والفاحشة هاهنا (والله أعلم ) : الزنا . - : أربعة شهود . فلا تتم الشهادة : في الزنا ؛ إلا : بأربعة شهداء ، لا امرأة فيهم : لأن الظاهر من الشهداء : الرجال خاصة ؛ دون النساء ". . وبسط الكلام في الحجة على هذا .

قال الشافعي : " قال الله عز وجل : ( فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم ) ".

[ ص: 131 ] " فأمر الله (جل ثناؤه ) في الطلاق والرجعة : بالشهادة ؛ وسمى فيها : عدد الشهادة ؛ فانتهى : إلى شاهدين ".

" فدل ذلك : على أن كمال الشهادة في الطلاق والرجعة : شاهدان لا نساء فيهما . لأن شاهدين لا يحتمل بحال ، أن يكونا إلا رجلين ".

" ودل أنى لم ألق مخالفا : حفظت عنه - : من أهل العلم . - أن حراما أن يطلق : بغير بينة ؛ على : أنه (والله أعلم ) : دلالة اختيار . واحتملت الشهادة على الرجعة - : من هذا . - ما احتمل الطلاق ". .

ثم ساق الكلام ، إلى أن قال : " والاختيار في هذا ، وفي غيره - : مما أمر فيه [بالشهادة ] . - : الإشهاد ". .

[ ص: 132 ] وبهذا الإسناد ، قال الشافعي : " قال الله تبارك : ( إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ) الآية والتي بعدها ؛ وقال في سياقها : ( واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ) ".

" قال الشافعي : فذكر الله (عز وجل ) شهود الزنا ؛ وذكر شهود الطلاق والرجعة ؛ وذكر شهود الوصية " - يعني : [في ] قوله تعالى : ( اثنان ذوا عدل منكم ) . - " : فلم يذكر معهم امرأة ".

" فوجدنا شهود الزنا : يشهدون على حد ، لا : مال ؛ وشهود الطلاق والرجعة : يشهدون على تحريم بعد تحليل ، وتثبيت تحليل ؛ لا مال : في واحد منهما ".

[ ص: 133 ] " وذكر شهود الوصية : ولا مال للمشهود : أنه وصي ".

" ثم : لم أعلم أحدا - : من أهل العلم . - خالف : في أنه لا يجوز في الزنا ، إلا : الرجال . وعلمت أكثرهم قال : ولا في طلاق ولا رجعة : إذا تناكر الزوجان . وقالوا ذلك : في الوصية . فكان ما حكيت - : من أقاويلهم . - دلالة : على موافقة ظاهر كتاب الله (عز وجل ) ؛ وكان أولى الأمور : أن يقاس عليه ، ويصار إليه ".

" وذكر الله (عز وجل ) شهود الدين : فذكر فيهم النساء ؛ وكان الدين : أخذ مال من المشهود عليه ".

" فالأمر - : على ما فرق الله (عز وجل ) بينه : من الأحكام في الشهادات . - : أن ينظر : كل ما شهد به على أحد ، فكان لا يؤخذ منه بالشهادة نفسها مال ؛ وكان : إنما يلزم بها حق غير مال ؛ أو شهد به لرجل : [ ص: 134 ] كان لا يستحق به مالا لنفسه ؛ إنما يستحق به غير مال - : مثل الوصية ، والوكالة ، والقصاص ، والحدود ، وما أشبه ذلك . - : فلا يجوز فيه إلا شهادة الرجال ".

" وينظر : كل ما شهد به - : مما أخذ به المشهود له ، من المشهود عليه ، مالا . - : فتجاز فيه شهادة النساء مع الرجال ؛ لأنه في معنى الموضع الذي أجازهن الله فيه : فيجوز قياسا ؛ لا يختلف هذا القول ، ولا يجوز غيره . والله أعلم ". .

* * *

[ ص: 135 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية