صفحة جزء
أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، ثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد [في قوله : ( ورفعنا لك ذكرك ) قال : " لا أذكر إلا ذكرت [معي ] : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله " . قال الشافعي : " يعني [ ص: 59 ] (والله أعلم ) : ذكره عند الإيمان بالله ، والأذان ، ويحتمل : ذكره عند تلاوة القرآن ، وعند العمل بالطاعة ، والوقوف عن المعصية " .

واحتج في فضل التعجيل بالصلوات - بقول الله - عز وجل - : ( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ) ، ودلوكها : ميلها . وبقوله : ( وأقم الصلاة لذكري ) وبقوله : ( حافظوا على الصلوات ) ، والمحافظة على الشيء : تعجيله .

وقال في موضع آخر : " ومن قدم الصلاة في أول وقتها ، كان أولى بالمحافظة عليها ممن أخرها عن أول وقتها " .

وقال في قوله : ( والصلاة الوسطى ) - : " فذهبنا : إلى أنها الصبح . [وكان أقل ما في الصبح ] إن لم تكن هي - : أن تكون مما أمرنا بالمحافظة عليه " .

وذكر - في رواية المزني ، وحرملة - حديث أبي يونس مولى عائشة (رضي الله عنها ) أنها أملت عليه : "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر " ، ثم قالت : " سمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " قال الشافعي : " فحديث عائشة يدل على أن الصلاة الوسطى ، ليست صلاة [ ص: 60 ] العصر . قال : واختلف بعض أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ، فروي عن علي ، وروي عن ابن عباس : أنها الصبح ، وإلى هذا نذهب . وروي عن زيد بن ثابت : الظهر وعن غيره : العصر " . وروى فيه حديثا عن النبي - صلى الله عليه وسلم .

قال الشيخ : " الذي رواه الشافعي في ذلك ، عن علي ، وابن عباس : فيما رواه مالك في الموطأ عنهما فيما بلغه ، ورويناه موصولا عن ابن عباس ، وابن عمر، وهو قول عطاء ، وطاووس ، ومجاهد، وعكرمة " .

" وروينا عن عاصم ، عن زر بن حبيش ، عن علي (رضي الله عنه ) ، قال : " كنا نرى أنها صلاة الفجر ، حتى سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) يوم الأحزاب : يقول : " شغلونا عن صلاة الوسطى ، صلاة العصر ، حتى غابت الشمس ، ملأ الله قبورهم ، وأجوافهم نارا " . وروايته في ذلك - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - صحيحة ، عن عبيدة السلماني ، وغيره عنه ، وعن مرة ، عن ابن مسعود . وبه قال أبي بن كعب ، وأبو أيوب ، وأبو هريرة ، وعبد الله [ ص: 61 ] بن عمرو ، و[هو ] في إحدى الروايتين ، عن ابن عمر ، وابن عباس ، وأبي سعيد الخدري ، وعائشة رضي الله عنهم " .

وقرأت [في ] كتاب حرملة، عن الشافعي - في قول الله - عز وجل - : ( إن قرآن الفجر كان مشهودا ) ، فلم يذكر في هذه الآية مشهودا غيره " ، والصلوات مشهودات ، فأشبه أن يكون قوله مشهودا بأكثر مما تشهد به الصلوات ، أو أفضل ، أو مشهودا بنزول الملائكة " .

يريد صلاة الصبح .

* * * أنا أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي - رحمه الله - : " فرض الله (تبارك وتعالى ) الصلوات ، وأبان رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) عدد كل واحدة منهن ، ووقتها ، وما يعمل فيهن ، وفي كل واحدة منهن .

وأبان الله (عز وجل ) : أن منهن نافلة وفرضا ، فقال لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : ( ومن الليل فتهجد به نافلة لك ) الآية . ثم أبان ذلك رسول الله [ ص: 62 ] (صلى الله عليه وسلم ) فكان بينا (والله أعلم ) - إذا كان من الصلاة نافلة وفرض ، وكان الفرض منها مؤقتا - أن لا تجزئ عنه صلاة ، إلا بأن ينويها مصليا " .

* * *

وبهذا الإسناد ، قال الشافعي : قال الله - تبارك وتعالى - : ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) . قال الشافعي : وأحب أن يقول - حين يفتتح [قبل أم ] القرآن : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، وأي كلام استعاذ به ، أجزأه " .

وقال في الإملاء - بهذا الإسناد : " ثم يبتدئ ، فيتعوذ ، ويقول : أعوذ بالسميع العليم أو يقول : أعوذ بالله السميع العليم [من الشيطان الرجيم ] أو : أعوذ بالله أن يحضرون . لقول الله - عز وجل . ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) " .

* * *

قال الشافعي - في كتاب البويطي : " قال الله - جل ثناؤه - : [ ص: 63 ] ( ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم ) . وهي : أم القرآن : أولها : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) " .

أنا أبو زكريا بن أبي إسحاق - في آخرين - قالوا : أنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، أنا عبد المجيد ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني أبي [عن ] سعيد بن جبير [في قوله ] : ( ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم ) ، [قال ] : " هي أم القرآن " . قال أبي : " وقرأها على سعيد بن جبير ، حتى ختمها ، ثم قال : " ( بسم الله الرحمن الرحيم ) الآية السابعة . قال سعيد : وقرأها علي ابن عباس، كما قرأتها عليك ، ثم قال ( بسم الله الرحمن الرحيم ) الآية السابعة . قال ابن عباس : فذخرها [الله ] لكم ، فما أخرجها لأحد قبلكم " .

قال الشافعي - في رواية حرملة عنه : " وكان ابن عباس يفعله (يعني : يفتتح القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم ) ، ويقول : انتزع الشيطان منهم خير آية في القرآن . وكان يقول : كان النبي (صلى الله عليه وسلم ) لا يعرف ختم السورة ، حتى تنزل : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) " .

* * *

[ ص: 64 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية