صفحة جزء
" ما يؤثر عنه في قسم الفيء والغنيمة والصدقات "

(أنبأني ) أبو عبد الله الحافظ (إجازة ) : أن [أبا ] العباس حدثهم : أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : " [قال الله - عز وجل - ] : ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) ، وقال : ( وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ) إلى قوله تعالى : ( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) " .

" قال الشافعي : فالفيء والغنيمة يجتمعان : في أن فيهما [معا ] الخمس من جميعهما ، لمن سماه الله له . ومن سماه الله [له ] - في الآيتين معا - [ ص: 154 ] سواء مجتمعين غير مفترقين " .

" ثم يفترق الحكم في الأربعة الأخماس : بما بين الله (تبارك وتعالى ) على لسان نبيه (صلى الله عليه وسلم ) ، وفي فعله " .

" فإنه قسم أربعة أخماس الغنيمة - ، والغنيمة هي : الموجف عليها بالخيل ، والركاب . - : لمن حضر : من غني ، وفقير " .

" والفيء هو : ما لم يوجف عليه بخيل ، ولا ركاب . فكانت سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) - في قرى : " عرينة " التي أفاءها الله عليه . - : أن أربعة أخماسها لرسول الله (صلى الله عليه وسلم ) خاصة - دون المسلمين - : يضعه رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : حيث أراه الله تعالى " .

وذكر الشافعي هاهنا حديث عمر بن الخطاب (رضي الله عنه ) : أنه قال [حيث اختصم إليه العباس ، وعلي (رضي الله عنهما ) في أموال النبي - صلى الله عليه وسلم - ] : " كانت أموال بني النضير : مما أفاء الله على [ ص: 155 ] رسوله : مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ، ولا ركاب . فكانت لرسول الله (صلى الله عليه وسلم ) خالصا ، دون المسلمين . وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : ينفق منها على أهله نفقة سنة ، فما فضل جعله في الكراع ، والسلاح : عدة في سبيل الله " .

قال الشافعي (رحمه الله ) : " هذا : كلام عربي إنما يعني عمر (رضي الله عنه ) - [بقوله ] : " لرسول الله (صلى الله عليه وسلم ) خالصا " . - : ما كان يكون للمسلمين الموجفين ، وذلك : أربعة أخماس " .

[ ص: 156 ] " فاستدللت بخبر عمر : على أن الكل ليس لأهل الخمس : [مما أوجف عليه ] " .

" واستدللت : بقول الله (تبارك وتعالى ) في الحشر : ( فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) على : أن لهم الخمس ، فإن الخمس إذا كان لهم ، فلا يشك : أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) سلمه لهم " .

" واستدللنا - : إذ كان حكم الله في الأنفال : ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) فاتفق الحكمان ، في سورة الحشر وسورة الأنفال ، لقوم موصوفين . - : أن ما لهم من ذلك : [ ص: 157 ] الخمس لا غيره " . وبسط الكلام في شرحه .

قال الشافعي : " ووجدت الله (عز وجل ) حكم في الخمس " : بأنه على خمسة ؛ لأن قول الله - عز وجل - : ( لله ) مفتاح كلام : لله كل شيء ، وله الأمر من قبل ، ومن بعد " .

قال الشافعي : " وقد مضى من كان ينفق عليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : [من أزواجه ، وغيرهن لو كان معهن ] " .

" فلم أعلم : أن أحدا - : من أهل العلم . - قال : لورثتهم تلك النفقة : [التي كانت لهم ] ، ولا خالف : في أن تجعل تلك النفقات : حيث كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ، يجعل فضول غلات تلك الأموال - : مما فيه صلاح الإسلام وأهله " . وبسط الكلام فيه .

[ ص: 158 ] قال الشافعي (رحمه الله ) : " ويقسم سهم ذي القربى على بني هاشم ، وبني المطلب " .

واستدل : بحديث جبير بن مطعم - : في قسمة رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ، سهم ذي القربى ، بين بني هاشم ، وبني المطلب . - ، وقوله : " إنما بنو هاشم ، وبنو المطلب : شيء واحد " . وهو مذكور بشواهده ، في موضعه من كتاب المبسوط ، والمعرفة ، والسنن .

* * *

قال الشافعي : " كل ما حصل - : مما غنم من أهل دار الحرب . - : قسم كله إلا الرجال البالغين : فالإمام فيهم ، بالخيار : بين أن يمن على من رأى منهم أو يقتل ، أو يفادي ، أو يسبي " .

[ ص: 159 ] " وسبيل ما سبى ، وما أخذ مما فادى - : سبيل ما سواه : من الغنيمة " .

واحتج - في القديم - : " بقول الله - عز وجل - : ( فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ) ، وذلك - في بيان اللغة - : قبل انقطاع الحرب " .

قال : " وكذلك فعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) في أسارى بدر : من عليهم ، وفداهم : والحرب بينه وبين قريش قائمة . وعرض على ثمامة [بن ] أثال [الحنفي ] - : وهو (يومئذ ) وقومه : أهل اليمامة حرب لرسول الله (صلى الله عليه وسلم ) . - : أن يمن عليه " . وبسط الكلام فيه .

* * *

[ ص: 160 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية