صفحة جزء
" ما يؤثر عنه في النكاح والصداق وغير ذلك "

(أنبأني ) أبو عبد الله الحافظ (إجازة ) ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : " وكان مما خص الله به نبيه (صلى الله عليه وسلم ) ، قوله : ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم ) " .

" وقال تعالى : ( وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا ) فحرم نكاح نسائه - من بعده - على العالمين ، وليس هكذا نساء أحد غيره " .

" وقال الله - عز وجل - : ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول ) ، فأبانهن به من نساء العالمين " .

" وقوله : ( وأزواجه أمهاتهم ) مثل ما وصفت : من اتساع لسان العرب ، وأن الكلمة الواحدة تجمع معاني مختلفة . ومما وصفت : [ ص: 168 ] من [أن ] الله أحكم كثيرا - : من فرائضه . - بوحيه وسن شرائع واختلافها ، على لسان نبيه (صلى الله عليه وسلم ) ، وفي فعله " .

" فقوله : ( أمهاتهم ) يعني : في معنى دون معنى ، وذلك : أنه لا يحل لهم نكاحهن بحال ، ولا يحرم عليهم نكاح بنات : لو كن لهن كما يحرم عليهم نكاح بنات أمهاتهم : اللاتي ولدنهم ، [أ ] و أرضعنهم " .

وذكر الحجة في هذا ، ثم قال : " وقد ينزل القرآن في النازلة : ينزل على ما يفهمه من أنزلت فيه كالعامة في الظاهر : وهي يراد بها الخاص ، والمعنى دون ما سواه .

" والعرب تقول - للمرأة : ترب أمرهم . - : أمنا ، وأم العيال ؛ [ ص: 169 ] وتقول كذلك للرجل : [يتولى ] أن يقوتهم . - : أم العيال بمعنى : أنه وضع نفسه موضع الأم التي ترب [أمر ] العيال . قال : تأبط شرا - ، وهو يذكر غزاة غزاها : ورجل من أصحابه ، ولي قوتهم . - :


وأم عيال قد شهدت تقوتهم

" . وذكر بقية البيت ، وبيتين أخوين معه .

قال الشافعي (رحمه الله ) : " قلت : الرجل يسمى أما ، وقد تقول العرب للناقة ، والبقرة ، والشاة ، والأرض - : هذه أم عيالنا على معنى : التي تقوت عيالنا " .

[ ص: 170 ] " وقال الله - عز وجل - : ( الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم ) " .

" يعني : أن اللائي ولدنهم : أمهاتهم بكل حال الوارثات [و ] الموروثات ، المحرمات بأنفسهن ، والمحرم بهن غيرهن : اللائي لم يكن قط إلا أمهات . ليس : اللائي يحدثن رضاعا للمولود ، فيكن به أمهات [وقد كن قبل إرضاعه ، غير أمهات له ] ، ولا : أمهات المؤمنين [عامة : يحرمن بحرمة أحدثنها أو يحدثها الرجل أو : أمهات المؤمنين ] حرمن : بأنهن أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم ) " .

وأطال الكلام فيه ، ثم قال : " وفي هذا : دلالة على أشباه له في القرآن ، جهلها من قصر علمه باللسان والفقه " .

* * *

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي : " وذكر عبدا أكرمه ، فقال : ( وسيدا وحصورا ) " .

[ ص: 171 ] " والحصور : الذي لا يأتي النساء ، [ولم يندبه إلى النكاح ] " .

* * *

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي : " حتم لازم لأولياء الأيامى ، والحرائر : البوالغ - : إذا أردن النكاح ، ودعوا إلى رضي : من الأزواج . - : أن يزوجوهن لقول الله - عز وجل - : ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا ) [ ص: 172 ] ( بينهم بالمعروف ) " .

" فإن شبه على أحد : بأن مبتدأ الآية على ذكر الأزواج . - : ففي الآية ، دلالة : [على ] أنه إنما نهى عن العضل الأولياء ؛ لأن الزوج إذا طلق ، فبلغت المرأة الأجل - : فهو أبعد الناس منها ، فكيف يعضلها من لا سبيل ، ولا شرك له [في أن يعضلها ] في بعضها ؟ ! " .

" فإن قال قائل : قد يحتمل : إذا قاربن بلوغ أجلهن ؛ لأن الله (تعالى ) يقول للأزواج : ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف ) الآية .

[ ص: 173 ] يعني : إذا قاربن بلوغ أجلهن " .

" قال الشافعي : فالآية تدل على أنه لم يرد بها هذا المعنى ، وأنها لا تحتمله : لأنها إذا قاربت بلوغ أجلها ، أو لم تبلغه - : فقد حظر الله (عز وجل ) عليها : أن تنكح ، لقول الله - عز وجل - : ( ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله ) ، فلا يأمر : بأن لا يمنع من النكاح من قد منعها منه . إنما يأمر : بأن لا يمتنع مما أباح لها ، من هو بسبب [من ] منعها " .

" قال : وقد حفظ بعض أهل العلم : أن هذه الآية نزلت في معقل بن يسار ، وذلك : أنه زوج أخته رجلا ، فطلقها وانقضت عدتها ، ثم : [ ص: 174 ] طلب نكاحها وطلبته ، فقال : زوجتك - دون غيرك - أختي " ، ثم : طلقتها ، لا أنكحك أبدا . فنزلت : ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن ) " .

" قال : وهذه الآية أبين آية في كتاب الله (عز وجل ) : دلالة على أن ليس للمرأة الحرة : أن تنكح نفسها " .

" وفيها : دلالة على أن النكاح يتم برضا الولي مع المزوج ، والمزوجة " .

قال الشيخ (رحمه الله ) : هذا الذي نقلته - : من كلام الشافعي (رحمه الله ) في أمهات المؤمنين ، إلى هاهنا . - بعضه في مسموع لي : [ ص: 175 ] قراءة على شيخنا ، وبعضه غير مسموع : فإنه لم يسمعه في النقل . فرويت الجميع بالإجازة ، وبالله التوفيق .

* * *

واحتج (أيضا ) - في اشتراط الولاية في النكاح - : بقوله - عز وجل - : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض ) ، وبقوله : (تعالى ) في الإماء : ( فانكحوهن بإذن أهلهن ) .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية