صفحة جزء
(أنا ) أبو سعيد بن أبي عمرو ، أنا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، أنا الشافعي (رحمه الله ) ، قال : " قال الله - عز وجل - : ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ) ، وقال : ( فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن ) " .

وذكر سائر الآيات التي وردت في الصداق ، ثم قال : " فأمر الله [ ص: 197 ] (عز وجل ) الأزواج : بأن يؤتوا النساء أجورهن ، وصدقاتهن ، والأجر [هو ] : الصداق ، والصداق هو : الأجر ، والمهر . وهي كلمة عربية : تسمى بعدة أسماء " .

" فيحتمل هذا : أن يكون مأمورا بصداق ، من فرضه - دون من لم يفرضه - : دخل ، أو لم يدخل ؛ لأنه حق ألزمه المرء نفسه : فلا يكون له حبس شيء منه ، إلا بالمعنى الذي جعله الله [له ] ، وهو : أن يطلق قبل الدخول . قال الله - عز وجل - : ( وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ) " .

" ويحتمل : أن يكون يجب بالعقد : وإن لم يسم مهرا ، ولم يدخل " .

[ ص: 198 ] " ويحتمل : أن يكون المهر لا يلزم أبدا ، إلا : بأن يلزمه المرء نفسه ، أو يدخل بالمرأة : وإن لم يسم مهرا " .

" فلما احتمل المعاني الثلاث ، كان أولاها أن يقال به : ما كانت عليه الدلالة : من كتاب ، أو سنة ، أو إجماع " .

فاستدللنا - : بقول الله - عز وجل - : ( لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ) . - : أن عقد النكاح [يصح ] بغير فريضة صداق ، وذلك : أن الطلاق لا يقع إلا على من عقد نكاحه " .

ثم ساق الكلام ، إلى أن قال : " وكان بينا في كتاب الله (جل [ ص: 199 ] ثناؤه ) : أن على الناكح الواطئ ، صداقا : بفرض الله (عز وجل ) في الإماء : أن ينكحن بإذن أهلهن ، ويؤتين أجورهن . - ، والأجر : الصداق . - ، وبقوله تعالى : ( فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن ) ، وقال - عز وجل - : ( وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين ) : [خالصة بهبة ، ولا مهر ، فأعلم : أنها للنبي (صلى الله عليه وسلم ) دون المؤمنين ] " .

وقال مرة أخرى - في هذه الآية - : " يريد (والله أعلم ) : النكاح ، والمسيس بغير مهر فدل : على أنه ليس لأحد غير رسول الله [ ص: 200 ] (صلى الله عليه وسلم ) : أن ينكح فيمس ، إلا لزمه مهر . مع دلالة الآي قبله " .

وقال - في قوله - عز وجل - : ( إلا أن يعفون ) . - : " يعني : النساء " .

[وفي قوله ] : ( أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ) : " يعني : الزوج ، وذلك : أنه إنما يعفو من له ما يعفوه " .

ورواه عن أمير المؤمنين : علي بن أبي طالب (رضي الله عنه ) وجبير بن مطعم ، وابن سيرين ، وشريح ، وابن المسيب ، وسعيد بن جبير ، [ ص: 201 ] ومجاهد ] .

وقال - في رواية الزعفراني عنه - : " وسمعت من أرضى ، يقول : الذي بيده عقدة النكاح : الأب في ابنته البكر ، والسيد في أمته فعفوه جائز " .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية