الغياثي غياث الأمم في التياث الظلم

الجويني - أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني

صفحة جزء
197 - فأما من يوليه العهد بعد وفاته ، فهذا إمام المسلمين ، ووزر الإسلام والدين ، وكهف العالمين ، وأصل تولية العهد ثابت قطعا مستند إلى إجماع حملة الشريعة ، فإن أبا بكر خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما عهد إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - وولاه الإمامة بعده ، لم يبد أحد من صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نكيرا ، ثم اعتقد كافة علماء الدين تولية العهد مسلكا في إثبات الإمامة في حق المعهود إليه المولى ، ولم ينف أحد أصلها أصلا ، وإن كان من تردد وتبلد ، ففي صفة المولى أو المولي ، فأما أصل العهد ، فثابت باتفاق أهل الحل والعقد . ثم تكلم العلماء في تفاصيل تولية العهود ، وانتهوا إلى كل مقصود .

[ ص: 135 ] 198 - ونحن نوضح مما أوردوه عيونه ، ونصف ضروب الكلام وفنونه ، ونوضح القطعيات والمسائل المظنونة .

199 - فالمقطوع به أصل التولية ، فإنه معتضد متأيد بالإطباق والوفاق ، والإجماع الواجب الاتباع ، وفي الإجماع بلاغ في روم القطع وإقناع . ولكن معنى تصحيح التولية واضح في مسالك الإيالة ، فلا بد من التنبيه له .

فإذا كانت الإمامة تنعقد باختيار واحد أو جمع من المختارين ، كما سبق تفصيله ، وتحقق تحصيله ، فالإمام الذي هو قدوة المسلمين ، وموئل المؤمنين ، وقد مارس الأمور وقارع الدهور ، وخبر الميسور والمعسور ، وسبر - على مكر العصور - النقائص والمزايا ، ودان طبقات الخلق والرعايا ، وهو في استمرار سلطانه ، واستقرار ولايته في زمانه ، أولى بأن ينفذ توليته ، [ ص: 136 ] ويعمل خيرته . فإذا هذا معلوم قطعا .

التالي السابق


الخدمات العلمية