الغياثي غياث الأمم في التياث الظلم

الجويني - أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني

صفحة جزء
[ ب - وجوب مراجعة العلماء ]

540 - ومما ألقيه إلى المجلس السامي : وجوب مراجعة العلماء فيما يأتي ويذر ، فإنهم قدوة الأحكام وأعلام الإسلام ، وورثة النبوة ، وقادة الأمة ، وسادة الملة ، ومفاتيح الهدى ، ومصابيح الدجى ، وهم على الحقيقة أصحاب الأمر استحقاقا ، .

[ وذوو ] [ ص: 380 ] النجدة مأمورون بارتسام مراسمهم ، واقتصاص أوامرهم والانكفاف عن مزاجرهم .

وإذا كان صاحب الأمر مجتهدا ، فهو المتبوع ، الذي يستتبع الكافة في اجتهاده ولا يتبع .

541 - فأما إذا كان سلطان الزمان لم يبلغ مبلغ الاجتهاد فالمتبوعون العلماء ، والسلطان نجدتهم وشوكتهم ، وقوتهم وبذرقتهم ، فعالم الزمان في المقصود الذي نحاوله ، والغرض الذي نزاوله كنبي الزمان ، والسلطان مع العالم كملك في زمان النبي ، مأمور بالانتهاء إلى ما ينهيه إليه النبي .

542 - والقول الكاشف للغطاء ، المزيل للخفاء ، أن الأمر لله والنبي منهيه ، فإن لم يكن في العصر نبي ، فالعلماء ورثة الشريعة ، والقائمون في إنهائها مقام الأنبياء ، ومن بديع القول في مناصبهم أن الرسل يتوقع في دهرهم تبديل الأحكام بالنسخ ، وطوارئ الظنون على فكر المفتين ، وتغاير اجتهاداتهم يغير أحكام الله على المستفتين ، فتصير خواطرهم في أحكام الله تعالى حالة محل ما يتبدل من قضايا أوامر الله تعالى بالنسخ .

[ ص: 381 ] وهذه مرامز تومئ إلى أمور عظيمة لم أطنب فيها ; مخافة الانتهاء إلى الإطراء ، والإفراط في الثناء . .

التالي السابق


الخدمات العلمية