صفحة جزء
باب رتب الطلب وكشف المذهب

قال أبو عمر رحمه الله : " طلب العلم درجات ومناقل ورتب لا ينبغي تعديها ومن تعداها جملة فقد تعدى سبيل السلف رحمهم الله ومن تعدى سبيلهم عامدا ضل ، ومن تعداه مجتهدا زل فأول العلم حفظ كتاب الله عز وجل وتفهمه وكل ما يعين على فهمه فواجب طلبه معه ولا أقول : إن حفظه كله فرض ولكني أقول : إن ذلك شرط لازم على من أحب أن يكون عالما فقيها ناصبا نفسه للعلم ليس من باب الفرض " .

2222 - حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، نا قاسم بن أصبغ ، نا أحمد بن زهير ، ثنا سعيد بن سليمان ، ثنا ميمون أبو عبد الله ، عن الضحاك في قوله تعالى : ( كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب ) قال : " حق على كل من تعلم القرآن أن يكون فقيها " . [ ص: 1130 ]

2223 - وقد تقدم قول أبي الدرداء لن تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوها .

2224 - وقال مجاهد ربانيين فقهاء .

2225 - وقال سعيد بن جبير وأبو رزين وقتادة علماء حلماء قال أبو عمر " القرآن أصل العلم فمن حفظه قبل بلوغه ثم فرغ إلى ما يستعين به على فهمه من لسان العرب كان ذلك له عونا كبيرا على مراده منه ، ومن سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ينظر في ناسخ القرآن ومنسوخه وأحكامه ويقف على اختلاف العلماء واتفاقهم في ذلك وهو أمر قريب على من قربه الله عز وجل عليه ، ثم ينظر في السنن المأثورة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فبها يصل الطالب إلى مراد الله عز وجل في كتابه وهي تفتح له أحكام القرآن فتحا ، وفي سير رسول الله صلى الله عليه وسلم تنبيه على كثير من الناسخ والمنسوخ في السنن ومن طلب السنن فليكن معوله على حديث الأئمة الثقات الحفاظ الذين جعلهم الله عز وجل خزائن لعلم دينه وأمناء على سنن رسوله صلى الله عليه وسلم كمالك بن أنس الذي اتفق المسلمون طرا على صحة نقله ونقاوة حديثه وشدة توقفه وانتقاده ومن جرى مجراه من ثقات علماء الحجاز والعراق والشام كشعبة بن الحجاج ، وسفيان [ ص: 1131 ] الثوري ، والأوزاعي ، وابن عيينة ، ومعمر وسائر أصحاب ابن شهاب الزهري الثقات ، كابن جريج ، وعقيل ، ويونس ، وشعيب والزبيدي ، والليث ، وحديث هؤلاء عند ابن وهب وغيره ، وكذلك حماد بن زيد ، وحماد بن سلمة ، ويحيى بن سعيد القطان ، وابن المبارك ، وأمثالهم من أهل الثقة والأمانة ، فهؤلاء كلهم أئمة حديث وعلم عند الجميع وعلى حديثهم اعتمد المصنفون للسنن الصحاح كالبخاري ، ومسلم وأبي داود والنسائي ومن سلك سبيلهم كالعقيلي والترمذي ، وابن السكن ومن لا يحصى كثرة ، وإنما صار مالك ومن ذكرنا معه أئمة عند الجميع ؛ لأن علم الصحابة رضي الله عنهم والتابعين في أقطار الأرض انتهى إليهم لبحثهم عنه رحمهم الله ، والذي يشذ عنهم نذر يسير في جنب ما عندهم " .

التالي السابق


الخدمات العلمية