الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع

الخطيب البغدادي - أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت

صفحة جزء
838 - أنا أحمد بن عمر بن روح النهرواني ، أنا المعافى بن زكريا ، نا محمد بن القاسم الأنباري ، حدثني أبي ، نا موسى بن عبد الرحمن بن مسروق الكندي [ ص: 364 ] الكوفي ، نا محمد بن المنذر الكندي - وكان جارا لعبد الله بن إدريس - قال : " حج الرشيد ومعه الأمين والمأمون ، فدخل الكوفة ، فقال لأبي يوسف : قل للمحدثين يأتونا يحدثونا ، فلم يتخلف عنه من شيوخ الكوفة إلا اثنان : عبد الله بن إدريس ، وعيسى بن يونس . فركب الأمين والمأمون إلى عبد الله بن إدريس فحدثهما بمائة حديث ، فقال المأمون لعبد الله : يا عم ، أتأذن لي أن أعيدها عليك من حفظي ؟ قال : افعل ، فأعادها كما سمعها . وكان ابن إدريس من أهل الحفظ يقول : لولا أني أخشى أن يتفلت مني القرآن ما دونت العلم . فعجب عبد الله بن إدريس من حفظ المأمون . وقال المأمون : يا عم ، إلى جانب مسجدك داران ، إذا أذنت لنا اشتريناها ووسعنا بها المسجد . فقال : ما بي إلى هذا حاجة ، قد أجزأ من كان قبلي ، وهو يجزئني ، فينظر إلى قرح في ذراع الشيخ فقال : إن معنا متطببين وأدوية ، أفتأذن لي أن يجيئك من يعالجك ؟ قال : لا ، قد ظهر بي مثل هذا وبرأ ، فأمر له بمال جائزة فأبى أن يقبله . وصارا إلى عيسى بن يونس فحدثهما ، فأمر له المأمون بعشرة آلاف ، فأبى أن يقبلها ، فظن أنه استقلها ، فأمر له بعشرين ألفا ، فقال عيسى : لا ولا إهليلجة ، ولا شربة ماء ، على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو ملأت لي هذا المسجد ذهبا إلى السقف . فانصرفا من عنده " .

التالي السابق


الخدمات العلمية