الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع

الخطيب البغدادي - أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت

صفحة جزء
97 - وأخبرنا أبو الحسن علي بن القاسم بن الحسن الشاهد بالبصرة ، نا علي بن إسحاق المادرائي ، نا الحسن بن علي بن شبيب ، قال : حدثني طالوت - هو ابن عباد - نا عبد الواحد بن زياد ، نا الأعمش ، عن مالك بن الحارث ، قال : سمعتهم يذكرونه عن مصعب بن سعد ، عن أبيه قال : ولا أعلمه إلا ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن التؤدة في كل شيء خير ، إلا في عمل الآخرة " .

[ ص: 116 ] ويعمد إلى أسند شيوخ مصره وأقدمهم سماعا ، فيديم الاختلاف إليه ، ويواصل العكوف عليه .

ومذاهب الناس تختلف في ذلك . فمنهم من يكتفي بسماع الحديث نازلا مع وجود من يرويه عاليا . ومنهم من لا يقتنع بذلك ، ولا يقتصر على النزول وهو يجد العلو . وأهل النظر أيضا مختلفون في ذلك . فمنهم من يرى أن السماع النازل أفضل ؛ لأنه يجب على الراوي أن يجتهد في معرفة جرح من يروي عنه وتعديله ، والاجتهاد في أحوال رواة النازل أكثر ، وكان الثواب فيه أوفر ، ومنهم ما يرى أن سماع العالي أفضل ؛ لأن المجتهد مخاطر وسقوط بعض الإسناد مسقط لبعض الاجتهاد ، وذلك أقرب إلى السلامة ، فكان أولى .

والذي نستحبه طلب العالي ؛ إذ في الاقتصار على النازل إبطال الرحلة وتركها ، فقد رحل خلق من أهل العلم قديما وحديثا إلى الأقطار البعيدة ، طلبا لعلو الإسناد . ولعلنا نذكر شيئا من أخبارهم في هذا الكتاب بعد ، إذا انتهينا إلى الموضع المقتضي لذكر ذلك ، إن شاء الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية