صفحة جزء
233 - أنبا الحسن بن أبي بكر ، أنا أبو محمد : عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم البغوي ، أنا علي بن عبد العزيز ، قال : قال أبو عبيد : القاسم بن سلام : " السنة هي المفسرة للتنزيل ، والموضحة لحدوده وشرائعه ، ألا ترى أن الله تعالى أنزل في كتابه حين ذكر الحدود ، فقال : ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ) ، فجعله حكما [ ص: 235 ] عاما في الظاهر ، على كل من زنا ، ثم حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، في الثيبين بالرجم ، وليس هذا بخلاف الكتاب ، ولكنه لما فعل ذلك علم أن الله تعالى إنما عنى بالآية البكرين دون غيرهما .

وكذلك لما ذكر الفرائض ، فقال : ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) ، فكانت الآية شاملة لكل أحد ، فلما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يرث المسلم الكافر ، ولا الكافر المسلم " ، لم يكن هذا بخلاف التنزيل ، ولكن علم أن الله [تعالى] إنما عنى بالموارثة أهل الدين الواحد دون أهل الدينين المختلفين ، وكذلك لما ذكر الوضوء فقال : ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) ، ثم مسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الخفين وأمر به ، تبين لنا أن الله إنما عنى بغسل الأرجل ، إذا كانت الأقدام بادية ، لا خفاف عليها ، وكذلك شرائع القرآن كلها ، إنما نزلت جملا حتى فسرتها السنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية