صفحة جزء
278 - أنا محمد بن الحسين القطان ، أنا دعلج بن أحمد ، أنا محمد بن علي بن زيد الصائغ ، أن سعيد بن منصور حدثهم ، قال : نا سفيان ، عن سليمان الأحول ، عن عكرمة ، قال : سمعته يقول : " لما نزلت : ( إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ) ، قال المنافقون : قد بقي من الناس ناس لم ينفروا فهلكوا ، وكان قوم تخلفوا ليتفقهوا في الدين ، ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ، فنزل العذر لأولئك ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم ) ، وأنزل الله تعالى في أولئك ( والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم ) .

قلت : ذكر الله [تعالى] الطائفة في هذه الآية ، واسم الطائفة يقع على القليل وعلى الكثير ، فوجب أن يثبت الحكم بمن وقع عليه هذا الاسم ، وقرن الله تعالى الحذر بالإنذار في قوله : ( لعلهم يحذرون ) ومعناه : واجب عليهم أن يحذروا كما قال : ( لعلهم يتقون ) ، و ( لعلهم يفقهون ) ، و ( لعلهم يهتدون ) إيجابا عليهم أن يتقوا ، وأن يفقهوا ، وأن يهتدوا وقال سبحانه : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) .

[ ص: 281 ] فأمر الله بالتثبت في خبر الفاسق ، وبين أن ذلك لئلا يصاب قوم بجهالة فيصبح من قضى بخبر الفاسق نادما ، وفي ذلك دلالة واضحة على إمضاء خبر العدل ، والفرق بينه وبين خبر الفاسق ، ولو كانا سيين في التثبت لبينه عز وجل .

التالي السابق


الخدمات العلمية