صفحة جزء
288 - أنا علي بن أحمد بن عمر المقرئ ، أنا إسماعيل بن علي الخطبي ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : سمعت أبي يقول ، في حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - :

" أمرت بقرية تأكل القرى " .

قال : تفسيره والله أعلم : تفتح القرى ، فتحت مكة بالمدينة ، وما حول المدينة بها ، لا أنها تأكل أكلا ، إنما تفتح القرى بالمدينة .

قلت : قوله - صلى الله عليه وسلم - : " أمرت بقرية " ، على معنى أمرت بالهجرة إلى قرية ، وقوله : " تأكل القرى " بمعنى : يأكل أهلها القرى ، كما قال الله تعالى : ( وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة ) يعني : قرية كان أهلها مطمئنين ، وكان ذكر القرية في هذا كناية عن أهلها ، وأهلها المرادون بها لا هي ، والدليل على ذلك قوله تعالى : ( فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ) ، والقرية لا صنع لها ، وقوله : ( فكفرت بأنعم الله ) والقرية : لا كفر لها .

وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " تأكل القرية " بمعنى : تقدر عليها ، كقوله تعالى : ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ) ليس يعني بذلك أكلتها دون محتجبيها عن اليتامى لا بأكل لها ، وكقوله تعالى : ( ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ) يعني : تغلبوا عليها إسرافا على أنفسكم [ ص: 295 ] وبدارا أن يكبروا ، فيقيموا الحجة عليكم بها ، فينتزعوها منكم لأنفسهم ، فكان الأكل فيما ذكرنا يراد به الغلبة على الشيء ، فكذلك في الحديث .

وحديث آخر .

التالي السابق


الخدمات العلمية