صفحة جزء
350 - حدثني أبو عبد الله : محمد بن علي الصوري ، أنا الخصيب بن عبد الله القاضي بمصر ، أنا أحمد بن جعفر بن حمدان الطرسوسي ، حدثنا عبد الله بن جابر بن عبد الله البزاز ، نا جعفر بن [ ص: 354 ] محمد بن عيسى بن نوح ، قال : قال محمد بن عيسى بن الطباع : " كل حديث جاءك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يبلغك أن أحدا من أصحابه فعله فدعه " .

إذا روى الثقة المأمون خبرا متصل الإسناد رد بأمور : أحدها : أن يخالف موجبات العقول فيعلم بطلانه ؛ لأن الشرع إنما يرد بمجوزات العقول ، وأما بخلاف العقول ، فلا .

والثاني : أن يخالف نص الكتاب أو السنة المتواترة ، فيعلم أنه لا أصل له أو منسوخ .

والثالث : أن يخالف الإجماع ، فيستدل على أنه منسوخ أو لا أصل له ؛ لأنه لا يجوز أن يكون صحيحا غير منسوخ ، وتجمع الأمة على خلافه ، وهذا هو الذي ذكره ابن الطباع في الخبر الذي سقناه عنه [أول الباب] .

والرابع : أن ينفرد الواحد براوية ما يجب على كافة الخلق علمه ، فيدل ذلك على أنه لا أصل له ، لأنه لا يجوز أن يكون له أصل ، وينفرد هو بعلمه من بين الخلق العظيم .

والخامس : أن ينفرد الواحد براوية ما جرت به العادة ، بأن ينقله أهل التواتر فلا يقبل ، لأنه لا يجوز ، أن ينفرد في مثل هذا بالرواية .

[ ص: 355 ] فأما إذا ورد مخالفا للقياس ، أو انفرد الواحد براوية ما تعم به البلوى لم يرد .

وقال قوم ممن ينتحل مذهب مالك بن أنس : إذا كان مخالفا للقياس ، لم يجز العمل به ، والقياس مقدم عليه .

وقال قوم ممن ينتسب إلى مذهب أبي حنيفة النعمان بن ثابت : لا يجوز العمل بخبر الواحد فيما تعم به البلوى .

فأما المالكيون : فقد احتج من نصرهم ، بأن قال : قياس القائس يتعلق بفعله ، وهو استدلاله على صحة العلة في الأصل ، وصدق الراوي في خبره مغيب عنه غير متعلق بفعله ، وثقته بما هو متعلق بفعله أكثر منها بما هو متعلق بغيره ، فوجب أن يكون أولى .

وهذا عندنا خطأ : والدليل على صحة ما ذهبنا إليه :

التالي السابق


الخدمات العلمية