صفحة جزء
باب القول فيما يعرف به الإجماع ومن يعتبر قوله ومن لا يعتبر

اعلم أن الإجماع يعرف بقول ، وبفعل ، وبقول وإقرار ، وبفعل وإقرار .

فأما القول : فهو أن يتفق قول الجميع على الحكم ، بأن يقولوا كلهم ، هذا حلال أو حرام .

وأما الفعل : فهو أن يفعلوا كلهم الشيء .

وأما القول والإقرار : فهو أن يقول بعضهم قولا ، وينتشر في الباقي ، فيسكتوا عن مخالفته .

وأما الفعل والإقرار : فهو أن يفعل بعضهم شيئا ، ويتصل بالباقين فيسكتوا عن إنكاره .

ويعتبر في صحة الإجماع اتفاق كل من كان من أهل الاجتهاد سواء كان مدرسا مشهورا ، أو خاملا ، ولا فرق بين أن يكون المجتهد من أهل عصرهم أو لحق بهم من أهل العصر الذي بعدهم ، وصار من أهل الاجتهاد عند الحادثة كالتابع ، إذا أدرك الصحابة في وقت حدوث الحادثة وهو من أهل الاجتهاد ، وقال بعض الناس : لا يعتد بقول التابعي مع الصحابة ، والدليل على ما قلناه أن سعيد بن المسيب ، وأبا سلمة بن عبد الرحمن ، [ ص: 430 ] وأصحاب عبد الله بن مسعود ، كشريح وغيره ، كانوا يجتهدون في زمن الصحابة ، ولم ينكر عليهم أحد ، ولأن التابعي من أهل الاجتهاد عند حدوث الحادثة ، فوجب أن يعتد بقوله ، كأصاغر الصحابة .

التالي السابق


الخدمات العلمية